خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ
٩٣
وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
٩٤
-الأنعام

بحر العلوم

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً، أَوْ قَالَ: أُوْحِي إِلَيَّ، وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٍ }. نزلت في مسيلمة الكذاب زعم أن الله تعالى أَوحى إليه وهو قوله { وَمَن قَالَ: سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ ٱللَّهُ } يعني عبد الله بن أبي سرح كان كاتب الوحي فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أملى عليه { سَمِيعاً عَلِيماً } يكتب: عليماً حكيماً، وإذا أملى عليه: عليماً حكيماً كتب هو سميعاً بصيراً وشك وقال: إن كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يوحى إليه فقد أوحي إلي وإن كان ينزل إليه فقد أُنْزِلَ إليّ مثل ما أُنزل إليه فلحق بالمشركين وكفر. وقال الضحاك: هو مسيلمة الكذاب كان يقول: بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جسيم الأمور وبعثت إلى محقرات الأمور. ويقال: هذا جواب لقولهم: { { لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَآ } [الأنفال: 31]. ثم قال: { وَلَوْ تَرَى إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ } يعني ولو تعلم إذ الكافرون { فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ } أي في نزعات الموت وسكراته فحذف الجواب لأن في الكلام دليلاً عليه ومعناه لو رأيتهم في عذاب شديد. ثم قال: { وَٱلْمَلاَئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ } بالضرب ويقولون: { أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ } يعني أرواحكم الخبيثة قال الفقيه أبو جعفر قال: حدثنا أبو القاسم أحمد بن حسين قال: حدثنا محمد بن سلمة قال: حدثنا أبو أيوب عن القاسم بن الفضل الحداني عن قتادة عن أسامة بن زهير عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المؤمن إذا حضره الموت أتته الملائكة بحريرة فيها مسك ومن ضباير الريحان وتسل روحه كما تُسَلُّ الشَّعْرة من العجين، ويقال لها: يا أيتها النفس الطيبة اخرجي راضية مرضية ومرضيًّا عنك إلى روح الله وكرامته، فإذا خرجت روحه وُضِعَت على ذلك المسك والريحان وطويت عليه الحريرة وبعث بها إلى عليين وإن الكافر إذا حضر أتته الملائكة بمسح فيه جمرة فتنزع روحه انتزاعاً شديداً ويقال لها: أيتها النفس الخبيثة اخرجي ساخطة ومسخوطة إلى هوان الله وعذابه فإذا خرجت روحه وضعت على تلك الجمرة وإن لها نشيجاً ويطوى عليها المسح ويذهب بها إلى سجين" . ثم قال الله تعالى: { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ } يعني إذا بعثوا يوم القيامة. يقال لهم: اليوم تجزون { عَذَابَ ٱلْهُونِ } يعني الهوان أي: الشديد { بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ } في الدنيا { غَيْرَ ٱلْحَقِّ } بأن معه شريكاً { وَكُنتُمْ عَنْ ءايَـٰتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } يعني عن الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبالقرآن ولم تقروا به. قوله تعالى: { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ } يعني في الآخرة فرادى لا ولد لكم ولا مال. الفرادى جمع فرد، يعني ليس معكم من دنياكم شيء { كَمَا خَلَقْنَـٰكُمْ } يعني أعطيناكم من المال والولد { وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَـٰكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ } في الدنيا { وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ } يعني آلهتكم { ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ } في الدنيا { أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء } يعني قلتم: لي شريك ولكم شفعاء عند الله { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ }. قرأ نافع والكسائي وعاصم في رواية حفص: (بينَكُم) بالنصب وقرأ الباقون: (بَيْنُكم) بالضم فمن قرأ بالضم جعل البَيْن اسماً يعني تقطع وصْلُكم ومودتكم، ومن قرأ بالنصب فمعناه لقد تقطع ما كنتم فيه من الشركة بينكم، فيصير نصباً بالظرف. كما تقول: (أصبحت بينكم) أي فيما بينكم { وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } يعني اشتغل عنكم ما كنتم تعبدون وتزعمون أنها شفعاؤكم.