خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ
١٤٥
سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ
١٤٦
وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٤٧
-الأعراف

بحر العلوم

قوله تعالى: { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ } روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال أعطى الله تعالى موسى التوراة في سبعة ألواح من زبرجد فيها تبيان لكل شيء وموعظة. قال التوراة مكتوبة، ويقال طول الألواح عشرة أذرع { مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً } من الجهل { وَتَفْصِيلاً لّكُلِّ شَيْءٍ } يعني تبياناً لكل شيء من الحلال والحرام.

قال الفقيه -رحمه الله تعالى - حدثنا الفقيه أبو جعفر قال حدثنا إسحاق بن عبد الرحمن القاري قال حدثنا أبو بكر بن أبي العوام قال حدثنا أبي قال حدثنا يحيى بن سابق عن خيثمة بن خليفة عن ربيعة عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "كان فيما أعطى الله موسى في الألواح عشرة أبواب: يا موسى لا تشرك بي شيئاً فقد حق القول مني لتلفحن وجوه المشركين النار. واشكر لي ولوالديك أقك المتالف وانسىء لك في عمرك وأحييك حياة طيبة وأقلبك إلى خير منها. ولا تقتل النفس التي حرمتها إلا بالحق فتضيق عليك الأرض برحبها والسماء بأقطارها وتبوء بسخطي ونار. ولا تحلف باسمي كاذباً فإني لا أطهر ولا أزكي من لم ينزهني ولم يعظم أسمائي. ولا تحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله فإن الحاسد عدو لنعمتي راد لقضائي ساخط لقسمتي التي أقسم بين عبادي. ولا تشهد بما لم يقع بسمعك ويحفظ قلبك فإني لواقف أهل الشهادات على شهاداتهم يوم القيامة ثم أسألهم عنها سؤالاً حثيثاً. ولا تزن ولا تسرق فأحجب عنك وجهي وأغلق عنك أبواب السماء. وأحبب للناس ما تحب لنفسك. ولا تذك لغيري فإني لا أقبل من القربان إلا ما ذكر عليه اسمي وكان خالصاً لوجهي وتفرغ لي يوم السبت وجميع أهل بيتك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى جعل يوم السبت لموسى عيداً واختار لنا يوم الجمعة فجعلها لنا عيداً" .

قوله تعالى: { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } يعني اعمل بما أمرك الله بجد ومواظبة عليها { وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } أي يعملون بما فيها من الحلال والحرام. ويقال أمرهم بالخير وانههم عن الشر. يعني اعملوا بالخير وامتنعوا عن الشر ويقال اعملوا بأحسن الوجوه. وهو أنه لو يكافىء ظالمه وينتقم منه جاز، ولو تجاوز كان أحسن. وقال الكلبي: كان موسى عليه السلام أشد عبادةً من قومه فأمر بما لم يؤمروا به يعني أمر بأن يعمل بالمواظبة وأمر قومه بأن يأخذوا بأحسن الفعل ثم قال: { سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } قال مقاتل: يعني: سنة أهل مصر. يعني هلاكهم حين قذفهم البحر فأراهم سنة الفاسقين في التقديم ويقال جهنم هي دارُ الكافرين، ويقال إذا سافروا أراهم منازل عاد وثمود، وقال مجاهد مصيرهم في الآخر إلى النار قوله تعالى { سَأَصْرِفُ عَنْ ءايَـٰتِي ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ } يعني أصرف قلوب الذين يتكبرون عن الإيمان حتى لا يؤمنوا فأخذلهم بكفرهم ولا أوفقهم. بتكذيبهم الأنبياء مجازاة لهم. ويقال أمنع قلوبهم من التفكر في أمر الدين وفي خلق السموات والأرض الذين يتكبرون { فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } يعني يتعظمون عن الإيمان لكي لا يتفكروا في السماء ولا يعقلون فيها ولا يذكرونها. ويقال سأصرف عن النعماء التي أعطيتها المؤمنين يوم القيامة، أصرف عنهم تلك النعمة، { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } امتنعوا منها كي { لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ } يعني طريق الحق، الإسلام { لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } يعني لا يتخذوه ديناً { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَىِّ } يعني طريق الضلالة والكفر { يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } أي: ديناً ويتّبعونه { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَـٰتِنَا } قال مقاتل أي: بآياتنا التسع. وقال الكلبي يعني بمحمد والقرآن { وَكَانُواْ عَنْهَا غَـٰفِلِينَ } يعني: تاركين لها.

قرأ حمزة والكسائي سبيل الرَّشَدِ } بنصب الراء والشين.

وقرأ الباقون الرُّشْدِ بضم الراء وإسكان الشين. وهما لغتان ومعناهما واحد.

ثم قال عز وجل: { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـآيَـٰتِنَا } أي: بمحمد والقرآن { وَلِقَاء ٱلآخِرَةِ } يعني: كذبوا بالبعث بعد الموت { حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ } يعني: بطلت حسناتهم { هَلْ يُجْزَوْنَ } أي: هل يثابون { إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } يعني: في الدنيا.