خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّالِحِينَ
١٩٦
وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلاۤ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ
١٩٧
وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ
١٩٨
خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ
١٩٩
وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
٢٠٠
-الأعراف

بحر العلوم

{ إِنَّ وَلِيّيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني حافظي وناصري الله الذي نزل الكتاب. يعني: القرآن، ويقال إن الذي يمنعني منكم الله الذي أنزل جبريل بالكتاب { وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّـٰلِحِينَ } يعني: المؤمنين فيحفظهم ولا يكلهم إلى غيره ثم قال { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ } يعني تعبدون من دون الله { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ } أي: لا يقدرون منعكم { وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ } أي يمنعون ممن أذاها، لأن الكفار كانوا يلطخون العسل في فم الأصنام، وكان الذباب يجتمع عليه فلا تقدر دفع الذباب عن نفسها. ثم قال تعالى: { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ } قال الكلبي يعني إن دعا المشركون آلهتهم لا يسمعون أي يجيبونهم: { وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } يعني الأصنام تراهم مفتحة أعينهم وهم لا يبصرون شيئاً. قال مقاتل: وإن تدعوهم إلى الهدى يعني كفار مكة لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون الهدى. قوله تعالى: { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ } قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني خذ ما أعطوك من الصدقة يعني ما فضل من الأكل والعيال. ثم نسخ بآية الزكاة، وهذا كقوله تعالى: { { وَيَسْألُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ } [البقرة: 219] يعني الفضل وأمر بالمعروف يعني: ادعهم إلى التوحيد { وَأَعْرِض عَنِ ٱلْجَـٰهِلِينَ } أي من جهل عليك مثل أبي جهل وأصحابه، وكان ذلك قبل أن يؤمر بالقتال، ويقال خُذِ الْعَفْوَ وَأْمرْ بالْعُرْفِ يعني: اعف عمن ظلمك وأعط من حرمك وصل من قطعك. قال الفقيه أبو الليث حدثنا عن الشعبي الخليل بن أحمد قال حدثنا الديبلي قال حدثنا أبو عبيد الله وحدثنا سفيان عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لما نزلت هذه الآية خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وأعرض عن الجاهلين سأل عنها جبريل. فقال جبريل حتى أسأل العالم. فذهب ثم أتاه فقال يا محمد إن الله تعالى يأمرك أن تَصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عن من ظلمك. وقال القتبي في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "أوتيت جوامع الكلم" فإن شئت أن تعرف ذلك فتدبر في هذه الآية كيف جمع له في هذا كل خلق عظيم، لأن في أخذ العفو صلة القاطعين والصفح عن الظالمين وإعطاء المانعين، وفي الأمر بالمعروف تقوى الله وصلة الأرحام وغض البصر، وفي الإعراض عن الجاهلين الحلم وتنزيه النفس عن ممارات السفيه وعن منازعة اللجوج وإنما سمي المعروف معروفاً لأن كل نفس تعرفه وكل قلب يطمئن إليه قوله تعالى: { وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ نَزْغٌ } قال مقاتل يعني: ولا يفتننكم فتنة في أمر أبي جهل { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } قال الكلبي: أي وإما يصيبنك من الشيطان وسوسة فاستعذ بالله. وقال الزجاج النزع أدنى حركة، ومعناه إن أتاك من الشيطان أدنى وسوسة فاستعذ بالله { إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } يعني سميع لدعائك بوسوسة الشيطان.