خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١١١
ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ ٱلْحَامِدُونَ ٱلسَّائِحُونَ ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١١٢
-التوبة

بحر العلوم

{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ } معناه إنه طلب من المؤمنين أن يعدوا أنفسهم وأموالهم ويخرجوا إلى الجهاد [والقتال] في سبيل الله ليثيبهم (الجنة). وذكر الشراء على وجه المثل، لأن الأموال والأنفس كلها لله تعالى، وهي عند أهلها عارية، ولكنه أراد به التحريض والترغيب في الجهاد. وهذا كقوله { { مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } [البقرة: 245] ثم قال { يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني في طاعة الله تعالى مع العدو { فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ } يعني العدو ويقتلهم العدو. قرأ حمزة والكسائي فَيُقْتَلُونَ بالرفع وَيَقْتُلُونَ بالنصب على معنى التقديم والتأخير. وقرأ الباقون يَقْتُلُونَ بالنصب وَيُقْتَلُونَ بالرفع { وَعْدًا عَلَيْهِ حَقّاً } يعني واجباً لهم ذلك بأن يفي لهم ما وعد (وبين ذلك) { فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءانِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ } يعني ليس أحد أوفى من الله تعالى في عهده وشرطه. لأنه عهد أن مَنْ قتل في سبيل فله الجنة فيفي عهده وينجز وعده ثم قال { فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ } وهذا (إعلان) لهم أنهم يربحون في مبايعتهم { ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } يعني الثواب الوافر والنجاة والوافرة. قوله تعالى: { ٱلتَّـٰئِبُونَ ٱلْعَـٰبِدُونَ } إلى آخره. لهم الجنة أيضاً. ويقال هم التائبون. ويقال صار رفعاً بالابتداء وجوابه مضمر قرأ عاصم التائبين العابدين. يعني اشترى من المؤمنين التائبين العابدين إلى آخره ويقال: اشترى من عشرة نفر أولهم الغزاة، ومن التائبين الذين يتوبون عن الذنوب والذين هم { ٱلْعَـٰبِدُونَ } يعني الموحدون. ويقال المطيعون لله تعالى، { ٱلْحَـٰمِدُونَ } الذين يحمدون الله تعالى على كل حال { ٱلسَّـٰئِحُونَ } قال ابن عباس وابن مسعود ومجاهد والحسن يعني الصائمين. وأصله السائح في الأرض. لأن السائح في الأرض ممنوعاً عن الشهوات. فشبه الصائم به. وذكر عن بعضهم أنه قال: هم الذين يصومون شهر الصبر وهو [شهر] رمضان وأيام البيض. { ٱلراكِعُونَ } يعني الذين يحافظون على الصلوات { ٱلسَّـٰجِدونَ } الذين يسجدون لله تعالى في الصلوات { ٱلأَمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } يعني يأمرون الناس بالتوحيد وأعمال (الخير) { وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ } الذين ينهون الناس عن الشرك والأعمال الخبيثة { وَٱلْحَـٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ } يعني العاملين بفرائض الله عليهم. وذكر عن خلف بن أيوب أنه أمر امرأته في بعض الليل أن تمسك الرضاع عن الولد فقالت لم؟ فقال لأنه قد تمت سنتان. فقيل له لو تركتها حتى ترضع تلك الليلة أيش يكون فقال: أين قول الله تعالى { وَٱلْحَـٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ } ثم قال { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يعني المصدقين بهذا الشرط والعاملين به