قوله عز وجل: { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ } فيه قراءتان:
إحداهما: بتاءين قرأ بها حمزة والكسائي، وفي تأويلها ثلاثة أوجه:
أحدها: تتبع كل نفس ما قدمت في الدنيا، قاله السدي، ومنه قول الشاعر:
إن المريب يتبع المريبا كما رأيت الذيب يتلو الذيبا
الثاني: تتلو كتاب حسناتها وكتاب سيئاتها، ومن التلاوة.
والثالث: تعاين كل نفس جزاء ما عملت.
والقراءة الثانية: وهي قراءة الباقين تتلو بالباء وفي تأويلها وجهان:
أحدهما: تسلم كل نفس.
الثاني: تختبر كل نفس، قاله مجاهد.
{ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِ } أي مالكهم، ووصف تعالى نفسه بالحق،
لأن الحق منه، كما وصف نفسه بالعدل، لأن العدل منه.
فإن قيل فقد قال تعالى { { وَأَنَّ الْكَافرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ } [محمد: 11] فكيف
صار ها هنا مولى لهم؟ قيل ليس بمولى في النصرة والمعونة، وهو مولى لهم في
الملكية.
{ وَضلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } أي بطل عنهم ما كانوا يكذبون.