قوله عز وجل: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} معناه ومن أظلم لنفسه
ممن افترى على الله كذباً بأن يدعي إنزال ما لم ينزل عليه أو ينفي ما أنزل عليه.
{أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ} وهو حشرهم إلى موقف الحساب كعرض الأمير
لجيشه، إلا أن الأمير يعرضهم ليراهم وهذا لا يجوز على الله تعلى لرؤيته لهم قبل
الحشر.
{وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هؤلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ} والأشهاد جمع، وفيما هو
جمع له وجهان:
أحدهما: أنه جمع شاهد مثل صاحب وأصحاب.
والثاني: جمع شهيد مثل شريف وأشراف.
وفي الأشهاد أربعة أقاويل:
احدها: أنه الأنبياء، قاله الضحاك.
الثاني: أنهم الملائكة، قاله مجاهد.
الثالث: الخلائق، قاله قتادة.
الرابع: أن الأشهاد أربعة: الملائكة والأنبياء والمؤمنون والأجساد، قاله زيد بن
أسلم.
قوله عز وجل: {الَّذِينَ يَصُّدُونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} يعني قريشاً.
وفي سبيل الله التي صدوا عنها وجهان:
أحدهما: أنه محمد صلى الله عليه وسلم صدت قريش عنه الناس، قاله السدي.
والثاني: دين الله تعالى، قاله ابن عباس.
{وَيَبْغُونَها عِوَجاً} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: يعني يؤمنون بملة غير الإسلام ديناً، قاله أبو مالك.
الثاني: يبغون محمداً هلاكاً، قاله السدي.
الثالث: أن يتأولوا القرآن تاويلاً باطلاً، قاله عليّ بن عيسى.
قوله عز وجل: {لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن معنى لا جرم: لا بد.
الثاني: أن {لا} عائد على الكفار، أي لا دافع لعذابهم، ثم استأنف فقال:
جرم، أي كسب بكفره استحقاق النار، ويكون معنى جرم: كسب، أي بما كسبت
يداه، قال الشاعر:
نَصَبنا رأسه في جذع نخل بما جَرَمت يداه وما اعتدينا
أي بما كسبت يداه.
الثالث: أن {لا} زائدة دخلت توكيداً، يعني حقاً إنهم في الآخرة هم
الأخسرون.
قال الشاعر:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنةجرمت فزارُة بعدها أن يغضبوا.
أي أحقتهم الطعنة بالغضب.