قوله عز وجل: { وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي
مَلَكٌ } احتمل هذا القول من نوح عليه السلام وجهين:
أحدهما: أن يكون جواباً لقومه على قولهم { مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنَا }
الثاني: أن يكون جواباً لهم على قولهم { وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } فقال
الله تعالى له قل: { وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِن اللَّهِ }
وفيها وجهان:
أحدهما: أنها الرحمة أي ليس بيدي الرحمة فأسوقها إليكم، قاله ابن عباس.
الثاني: أنها الأموال، أي ليس بيدي أموال فأعطيكم منها على إيمانكم. { وَلاَ
أعْلَمُ الْغَيْبَ } فأخبركم بما في انفسكم. { وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ } يعني فأباين
جنسكم.
{ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً } والازدراء الإحتقار.
يقال ازدريت عليه إذاعبته، وزريت عليه إذا حقرته.
وأنشد المبرد:
يباعده الصديق وتزدريه حليلته وينهره الصغير.
{ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً } أي ليس لاحتقاركم لهم يبطل أجرهم أو ينقص
ثوابهم، وكذلك لستم لعلوكم في الدنيا تزدادون على أجوركم.
{ اللَّهَ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ } يعني أنه يجازيهم عليه ويؤاخذهم به.
{ إِني إذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ } يعني إن قلت هذا الذي تقدم ذكره.