قوله عز وجل: { حَتَّى إذا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ } فيه ستة أوجه:
أحدها: وجه الأرض، والعرب تسمي وجه الأرض تَنُّوراً، قاله ابن عباس
وقيل لنوح عليه السلام: إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت ومن معك.
الثاني: أن التنور العين التي بالجزيرة "عين وردة"، رواه عكرمة.
الثالث: أنه مسجد بالكوفة من قبل أبواب كندة، قاله علي بن أبي طالب رضي
الله عنه.
الرابع: أن التنور ما زاد على وجه الأرض فأشرف منها، قاله قتادة.
الخامس: أنه التنور الذي يخبز فيه، قيل له: إذا رأيت الماء يفور منه فاركب
أنت ومن معك، قاله مجاهد.
قال الحسن: كان تنوراً من حجارة وكان لحواء ثم صار لنوح، وقال مقاتل: فارَ
من أقصى دار نوح بعين وردة من أرض الشام، قال أمية بن الصلت:
فار تنورهم وجاش بماءٍ صار فوق الجبال حتى علاها
السادس: أن التنور هو تنوير الصبح، من قولهم: نور الصبح تنويراً، وهو
مروي عن علي رضي الله عنه.
{ قُلْنَا احِملْ فِيهَا مِن كُلّ زَوْجِيْن اثْنَينِ } يعني من الآدميين والبهائم ذكراً
وأنثى.
{ وَأهْلَكَ } أي احمل أهلك.
{ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ } من الله تعالى أنه يهلكهم وهو ابنه كنعان وامرأته
كانا كافرين: قاله الضحاك وابن جريج.
{ وَمَن آمَنَ } أي احمل من آمن.
{ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيْلٌ } واختلف في عددهم على ثلاثة أقاويل:
أحدها: ثمانون رجلاً منهم جرهم، قاله ابن عباس.
الثاني: ثمانين، قاله ابن جريج.
الثالث: سبعة، قاله الأعمش ومطر، وكان فيهم ثلاثة بنين: سام وحام
ويافث، وثلاث بنات له ونوح معهم فصاروا سبعة.
وعلى القول الثاني: كانت فيهم امرأة نوح فصاروا ثمانية.
قال محمد بن عباد بن جعفر: فأصاب حام امرأته في السفينة، فدعا نوح أن
يغير الله نطفته فجاء السودان.