قوله عز وجل: { ونادى نوحٌ ربه فقال رَبِّ إنَّ ابني من أهلي } وإنما قال { من
أهلي } لأن الله تعالى وعده أن ينجي أهله معه.
{ وإن وعدك الحق } يحتمل وجهين:
أحدهما الذي يحق فلا يخلف.
الثاني: الذي يلزم كلزوم الحق.
{ وأنت أحكم الحاكمين } يعني بالحق: فاحتمل هذا من نوح أحد أمرين: إما
أن يكون قبل علمه بغرق ابنه فسأل الله تعالى له النجاة، وإما أن يكون بعد علمه
بغرقه فسأل الله تعالى له الرحمة.
قوله عز وجل: { قال يا نوح إنه ليس من أهلك } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه ولد على فراشه ولم يكن ابنه وكان لغيره رشدة، قاله الحسن
ومجاهد.
الثاني: أنه ابن امرأته.
الثالث: أنه كان ابنه، قاله ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك. قال
ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط.
وقيل إن اسمه كان كنعان، وقيل بل كان اسمه يام.
قال الحسن: وكان منافقاً ولذلك استعجل نوح أن يناديه فعلى هذا يكون في
تأويل قوله تعالى { إنه ليس من أهلك } وجهان:
أحدهما: ليس من أهل دينك وولايتك، وهو قول الجمهور.
الثاني: ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك، قاله سعيد بن جبير.
{ إنه عملٌ غير صالحٍ } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أن مسألتك إياي أن أنجيه عمل غير صالح، قاله قتادة وإبراهيم وهو
تأويل من قرأ عملٌ غير صالح بالتنوين.
والثاني: معناه أن ابنك الذي سألتني أن أنجيه هو عملٌ غير صالحٍ، أي أنه
لغير رشدة، قاله الحسن.
والثالث: أنه عملٌ غير صالحٍ، قاله ابن عباس، وهو تأويل من لمن ينون.
{ فلا تسألن ما ليس لك به علمٌ } يحتمل وجهين:
أحدهما: فيما نسبته إلى نفسك وليس منك.
الثاني: في دخوله في جملة من وعدتك بإنجائهم من أهلك وليس منهم.
{ إني أعظُك أن تكون من الجاهلين } يحتمل وجهين:
أحدهما: من الجاهلين بنسبك.
الثاني: من الجاهلين بوعدي لك.
وفي قوله { إني أعظك } تأويلان:
أحدهما: معناه إني رافعك أن تكون من الجاهلين.
الثاني: معناه أني أحذرك ومنه قوله تعالى { يعظكم الله أن تعودوا لمثله
أبداً } أي يحذرّكم.