قوله عز وجل:{ ولو أن قرآناً سُيِّرت به الجبال أو قطعت به الأرض }الآية.
وسبب ذلك ما حكاه مجاهد وقتادة أن كفار قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن يسرَّك أن نتبعك
فسيِّرْ جبالنا حتى تتسع لنا أرضنا فإنها ضيقة، وقرب لنا الشام فإننا نتَّجر إليها، وأخرج
لنا الموتى من القبور نكلمها، فأنزل الله تعالى. { ولو أن قرآناً سيرت به الجبال } أي
أُخرت.{ أو قطعت به الأرض } أي قربت.
{ أو كُلِّم به الموْتَى }أي أُحيوا.
وجواب هذا محذوف وتقديره لكان هذا القرآن، لكنه حذف إيجازاً لما في
ظاهر الكلام من الدلالة على المضمر المحذوف.
ثم قال تعالى: { بل للهِ الأمر جميعاً }أي هو المالك لجميع الأمور الفاعل لما
يشاء منها.
{ أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً } وذلك أن
المشركين لما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سألوه استراب المؤمنون إليه فقال الله تعالى
{ أفلم ييأس الذين آمنوا }.
وفيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: معناه أفلم يتبين الذين آمنوا، قاله عطية، وهي في القراءة
الأولى: أفلم يتبين الذين آمنوا. وقيل لغة جرهم{ أفلم ييأس } أي يتبين.
الثاني: أفلم يعلم، قاله ابن عباس والحسن ومجاهد، ومنه قول رباح ابن
عدي:
ألم ييأس الأقوام أنِّي أنا ابْنُهُ وإن كنتُ عن أرض العشيرة نائيا
الثالث: أفلم ييأس الذين آمنوا بانقطاع طمعهم.
وفيما يئسوا منه على هذا التأويل وجهان:
أحدهما: ييأسوا مما سأله المشركون، قاله الفراء.
الثاني: يئسوا أن يؤمن هؤلاء المشركون، قاله الكسائي.
{ أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً } فيه وجهان:
أحدهما: لهداهم إلى الإيمان.
الثاني: لهداهم إلى الجنة.
{ ولا يزال الذين كفروا تصيبهُم بما صنعوا قارعة } فيها تأويلان:
أحدهما: ما يقرعهم من العذاب والبلاء، قاله الحسن وابن جرير.
الثاني: أنها الطلائع والسرايا التي كان ينفذها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله عكرمة.
{ أو تحل قريباً من دارهم } فيه وجهان:
أحدهما: أو تحل القارعة قريباً من دارهم، قاله الحسن.
الثاني: أو تحل أنت يا محمد قريباً من دارهم، قاله ابن عباس وقتادة
{ حتى يأتي وَعْدُ الله } فيه تأويلان:
أحدهما: فتح مكة، قاله ابن عباس.
الثاني: القيامة، قاله الحسن.