قوله عز وجل: { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا }أي بحُججنا وبراهيننا وقال مجاهد
هي التسع الآيات:
{ أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور }يحتمل وجهين:
أحدهما: من الضلالة إلى الهدى.
الثاني: من ذل الاستعباد إلى عز المملكة.
{ وذكِّرهم بأيام الله } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: معناه وعظهم بما سلف من الأيام الماضية لهم، قاله ابن جرير.
الثاني: بالأيام التي انتقم الله فيها من القرون الأولى، قاله الربيع وابن زيد.
الثالث: أن معنى أيام الله أن نعم الله عليهم، قاله مجاهد وقتادة، وقد رواه
أبيّ بن كعب مرفوعاً. وقد تسمَّى النعم بالأيام، ومنه قول عمرو بن كلثوم:
وأيام لنا غُرٍّ طِوالٍ عصينا الملْك فيها أن نَدِينا
ويحتمل تأويلاً رابعاً: أن يريد الأيام التي كانوا فيها عبيداًَ مستذلين لأنه أنذرهم
قبل استعمال النعم عليهم.
{ إنَّ في ذلك لآيات لكُلِّ صبَّارٍ شكورٍ }الصبار: الكثير الصبر، والشكور:
الكثير الشكر، قال قتادة: هو العبد إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر. وقال الشعبي:
الصبر نصف الإيمان، والشكر نصف، وقرأ{ إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور }.
وتوارى الحسن عن الحجاج تسع سنين، فلما بلغه موته قال: اللهم قد
أمته فأمت سنته وسجد شكراً وقرأ{ إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور }.
وإنما خص بالآيات كل صبار شكور، وإن كان فيه آيات لجميع الناس لأنه
يعتبر بها ويغفل عنها.