قوله عز وجل:{ قال ربِّ بما أغوَيتني }فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: بما أضللتني، قاله ابن عباس.
الثاني: بما خيبتني من رحمتك.
الثالث: بما نسبتني إلى الإغواء.
ويحتمل هذا من إبليس وجهين:
أحدهما: أنه يقوله على وجه القسم وتقديره: وحق إغوائك لي.
الثاني: أنه يقوله على وجه الجزاء، وتقديره لأجل إغوائك لي.
{ لأزينن لهم في الأرض } يحتمل وجهين:
أحدهما: لأزينن لهم فعل المعاصي.
الثاني: لأشغلنهم بزينة الدنيا عن فعل الطاعة.
{ ولأغوينهم أجمعين }أي لأضلنهم عن الهدى.
{ إلاّ عبادك منهم المخلصين }وهم الذين أخلصوا العبادة من فساد أو رياء
حكى أبو ثمامة أن الحواريين سألوا عيسى عليه السلام عن المخلص للّه، فقال:
الذي يعمل لله ولا يحب أن يحمده الناس.
قوله عز وجل:{ قال هذا صراطٌ عليَّ مستقيم }فيه أربعة تأويلات:
أحدها: معناه هذا صراط يستقيم بصاحبه حتى يهجم به على الجنة، قاله عمر
رضي الله عنه.
الثاني: هذا صراط إليَّ مستقيم، قاله الحسن فتكون عليَّ بمعنى إليَّ.
الثالث: أنه وعيد وتهديد، ومعناه أن طريقه إليَّ ومرجعه عليَّ، كقول القائل لمن
يهدده ويوعده: عليَّ طريقك، قاله مجاهد.
الرابع: معناه هذا صراط، عليّ استقامته بالبيان والبرهان. وقيل بالتوفيق
والهداية. وقرأ الحسن وابن سيرين: { عليٌّ مستقيم }برفع الياء وتنوينها، ومعناه رفيع
مستقيم، أي رفيع أن ينال، مستقيم أن يمال.