خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ
٨٠
وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ
٨١
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ
٨٢
يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ
٨٣
-النحل

النكت والعيون

قوله عز وجل: { والله جعل لكم مما خلق ظلالاً } فيه وجهان:
أحدهما: البيوت، قاله الكلبي.
الثاني: الشجر، قاله قتادة.
{ وجعل لكم من الجبال أكناناً } الأكنان: جمع كِنّ وهو الموضع الذي يستكن فيه، وفيه وجهان:
أحدهما أنه ظل الجبال.
الثاني: أنه ما فيها من غار أو شَرَف.
{ وجعل لكم سرابيل تقيكم الحرّ } يعني ثياب القطن والكتان والصوف.
{ وسرابيل تقيكم بأسكم } يعني الدروع التي تقي البأس، وهي الحرب.
قال الزجاج: كل ما لبس من قميص ودروع فهو سربال.
فإن قيل: فكيف قال: { وجعل لكم من الجبال أكناناً } ولم يذكر السهل وقال { تقكيم الحر } ولم يذكر البرد؟
فعن ذلك ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن القوم كانوا أصحاب جبال ولم يكونوا أصحاب سهل، وكانوا أهل حر ولم يكونوا أهل برد، فذكر لهم نعمه عليه مما هو مختص بهم، قاله عطاء.
الثاني: أنه اكتفى بذكر احدهما عن ذكر الآخر، إذ كان معلوماً أن من اتخذ من الجبال أكناناً اتخذ من السهل، واسرابيل التي تقي الحر تقي البرد، قاله الفراء، ومثله قول الشاعر:

ومـا أدري إذا يمـمتُ أرضــاً أريـد الخـيـر أيـهـما يليني.

فكنى عن الشر ولم يذكره لأنه مدلول عليه.
الثالث: أنه ذكر الجبال لأنه قدم ذكر السهل بقوله تعالى: { والله جعل لكم من بيوتكم سكناً } وذكر الحرَّ دون البرد تحذيراً من حر جهنم وتوقياً لاستحقاقها بالكف عن المعاصي.
{ كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون } أي تؤمنون بالله إذا عرفتم نعمه عليكم. وقرأ ابن عباس { لعلكم تسلمون } بفتح التاء أي تسلمون من الضرر، فاحتمل أن يكون عنى ضرر الحر والبرد واحتمل أن يكون ضرر القتال والقتل، واحتمل أن يريد ضرر العذاب في الآخرة إن اعتبرتم وآمنتم.
قوله عز وجل: { يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها } فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أنه عنى النبي صلى الله عليه وسلم يعرفون نبوته ثم ينكرونها ويكذبونه، قاله السدي.
الثاني: أنهم يعرفون منا عدد الله تعالى عليهم في هذه السورة من النعم وأنها من عند الله وينكرونها بقولهم أنهم ورثوا ذلك عن آبائهم، قاله مجاهد.
الثالث: أن انكارها أن يقول الرجل: لولا فلان ما كان كذا وكذا ولولا فلانٌ ما أصبت كذا، قاله عون بن عبد الله.
الرابع: أن معرفتهم بالنعمة إقرارهم بأن الله رزقهم، وإنكارهم قولهم: رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا.
الخامس: يعرفون نعمة الله بتقلبهم فيها، وينكرونها بترك الشكر عليها.
ويحتمل سادساً: يعرفونها في الشدة، وينكرونها في الرخاء.
ويحتمل سابعاً يعرفونها بأقوالهم، وينكرونها بأفعالهم. قال الكلبي: هذه السورة تسمى سورة النعم، لما ذكر الله فيها من كثرة نعمه على خلقه.
{ وأكثرهم الكفارون } فيه وجهان:
أحدهما: معناه وجميعهم كافرون، فعبر عن الجميع بالأكثر، وهذا معنى قول الحسن.
الثاني: أنه قال { وأكثرهم الكافرون } لأن فيهم من جرى عليه حكم الكفر تبعاً لغيره كالصبيان والمجانين، فتوجه الذكر إلى المكلفين.