قوله عز وجل: { وقالوا أئِذا كُنّا عظاماً ورفاتاً } فيه تأويلان:
أحدهما: أن الرفات التراب، قاله الكلبي والفراء.
الثاني: أنه ما أرفت من العظام مثل الفتات، قاله أبو عبيدة، قال الراجز:
صُمَّ الصَّفَا رَفَتَ عَنْهَا أَصْلُهُ
قوله عز وجل: { قل كونوا حجارةً أو حديداً } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه إن عجبتم من إنشاء الله تعالى لكم عظاماً ولحماً فكونوا أنتم
حجارة أو حديداً إن قدرتم، قاله أبو جعفر الطبري.
الثاني: معناه أنكم: لو كنتم حجارة أو حديداً لم تفوتوا الله تعالى إذا أرادكم
إلا أنه أخرجه مخرج الأمر لأنه أبلغ من الإلزام، قاله علي بن عيسى.
الثالث: معناه لو كنتم حجارة أو حديداً لأماتكم الله ثم أحياكم.
{ أو خَلْقاً ممّا يكبر في صدوركم } فيه أربعة أقاويل:
أحدها: أنه عنى بذلك السموات والأرض والجبال لعظمها في النفوس، قاله
مجاهد.
الثاني: أنه أراد الموت لأنه ليس شيء أكبر في نفس ابن آدم منه وقد قال
أمية ابن أبي الصلت:
نادوا إلههمُ ليسرع خلقهم وللموت خلق للنفوس فظيعُ
وهذا قول ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص.
الثالث: أنه أراد البعث لأنه كان أكبر شيء في صدروهم قاله الكلبي.
الرابع: ما يكبر في صدوركم من جميع ما استعظمتموه من خلق الله تعالى،
فإن الله يميتكم ثم يحييكم ثم يبعثكم، قاله قتادة.
{ ... فسينغضون إليك رءُوسَهُم } قال ابن عباس وقتادة، أي يحركون
رؤوسهم استهزاء وتكذيباً، قال الشاعر:
قلت لها صلي فقالت مِضِّ وحركت لي رأسها بالنغضِ
قوله عز وجل: { يَوْمَ يدعوكم فتستجيبون بحمده } في قوله تعالى يدعوكم
قولان:
أحدهما: أنه نداء كلام يسمعه جميع الناس يدعوهم الله بالخروج فيه إلى
أرض المحشر.
الثاني: أنها الصيحة التي يسمعونها فتكون داعية لهم إلى الاجتماع في أرض
القيامة.
وفي قوله: { فتستجيبون بحمده } أربعة أوجه:
أحدها: فتستجيبون حامدين لله تعالى بألسنتكم.
الثاني: فتستجيبون على ما يقتضي حمد الله من أفعالكم.
الثالث: معناه فستقومون من قبوركم بحمد الله لا بحمد أنفسكم.
الرابع: فتستجيبون بأمره، قاله سفيان وابن جريج.
{ وتظنون إن لبثتم إلاّ قليلاً } فيه خمس أوجه:
أحدها: إن لبثتم إلا قليلاً في الدنيا لطول لبثكم في الآخرة، قاله الحسن.
الثاني: معناه الاحتقار لأمر الدنيا حين عاينوا يوم القيامة، قاله قتادة.
الثالث: أنهم لما يرون من سرعة الرجوع يظنون قلة اللبث في القبور.
الرابع: أنهم بين النفختين يرفع عنهم العذاب فلا يعذبون، وبينهما أربعون
سنة فيرونها لاستراحتهم قليقلة؛ قاله الكلبي.
الخامس: أنه لقرب الوقت، كما قال الحسن كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم
تزل.