قوله تعالى: { وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره } فيه
قولان:
أحدهما: ما روى سعيد بن جبير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلم الحجر في طوافه
فمنعته قريش وقالوا لا ندعك تستلم حتى تلم بآلهتنا فحدث نفسه وقال: "ما عليّ أن
ألمَّ بها بعد أن يعدوني أستلم الحجر واللّه يعلم أني لها كاره" فأبى الله تعالى وأنزل
عليه هذه الآية، قاله مجاهد وقتادة.
الثاني: ما روى ابن عباس أن ثقيفاً قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أجِّلْنا سنة حتى نأخذ
ما نُهدي لآلهتنا، فإذا أخذناه كسرنا آلهتنا وأسلمْنا، فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطيعهم،
فأنزل الله هذه الآية.
{ لِتَفْتَريَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ } يحتمل وجهين:
أحدهما: لتدّعي علينا غير وحينا.
الثاني: لتعتدي في أوامرنا.
{ وإذاً لاتخذوك خليلاً } فيه وجهان:
أحدهما: صديقاً، مأخوذ من الخُلة بالضم وهي الصداقة لممالأته لهم.
الثاني: فقيراً، مأخوذ من الخلة بالفتح وهي الفقر لحاجته إليهم.
قوله عز وجل: { إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات } فيه قولان:
أحدهما: لأذقناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات، قاله ابن عباس
ومجاهد وقتادة والضحاك.
الثاني: لأذقناك ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة، حكاه
الطبري:
وفي المراد بالضِّعف ها هنا وجهان:
أحدها: النصيب، ومنه قوله تعالى { { لكل ضِعفٌ } [الأعراف: 38] أي
نصيب.
الثاني: مثلان، وذلك لأن ذنبك أعظم.
وفيه وجه ثالث: أن الضعف هو العذاب يسمى ضعف لتضاعف ألمه، قاله
أبان بن تغلب وأنشد قول الشاعر:
لمقتل مالكٍ إذ بان مني أبيتُ الليل في ضعفٍ أليم
قال قتادة: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تكلني إلى نفسي
طرفة عين" .