قوله عز وجل: { وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنَ فَخَشِينآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً
وَكُفْراً } قال سعيد بن جبير: وجد الخضر غلماناً يلعبون فأخذ غلاماً ظريفاً
فأضجعه وذبحه، وقيل كان الغلام سداسياً وقيل أنه أراد بالسداسي ابن ست عشرة
سنة، وقيل بل أراد أن طوله ستة أشبار، قاله الكلبي: وكان الغلام لصاً يقطع
الطريق بين قرية أبيه وقرية أمه فينصره أهل القريتين ويمنعون منه.
قال قتادة: فرح به أبواه حين ولد، وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي كان فيه
هلاكهما. قيل كان اسم الغلام جيسور. قال مقاتل وكان اسم أبيه كازير، واسم
أمه سهوى.
{ فَخَشِينآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْياناً وَكُفْراً } فيه ثلاة أوجه:
أحدهما: علم الخضر أن الغلام يرهق أبويه طغياناً وكفراً لأن الغلام كان كافراً
قال قتادة: وفي قراءة أُبي { وَأَمَّا الغُلامُ فَكَانَ كَافِراً وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ } فعبر عن
العلم بالخشية.
الثاني: معناه فخاف ربك أن يرهق الغلام أبويه طغياناً وكفراً، فعبر عن
الخوف بالخشية قال مقاتل: في قراءة أبي { فَخَافَ رَبُّكَ } والخوف ها هنا
استعارة لانتفائه عن الله تعالى.
الثالث: وكره الخضر أن يرهق الغلام أبويه بطغيانه وكفره إثماً وظلماً فصار
في الخشية ها هنا ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها العلم.
الثاني: أنها الخوف.
الثالث: الكراهة.
وفي { يُرْهِقَهُمَا } وجهان:
أحدهما: يكفلهما، قاله ابن زيد.
الثاني: يحملهما على الرهق وهو الجهد.
{ فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا ربهما خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: خيراً منه إسلاماً، قاله ابن جريج.
الثاني: خيراً منه علماً، قاله مقاتل.
الثالث: خيراً منه ولداً.
وكانت أمه حبلى فولدت، وفي الذي ولدته قولان:
أحدهما: ولدت غلاماً صالحاً مسلماً، قاله ابن جريج.
الثاني: ولدت جارية تزوجها نبي فولدت نبياً هدى الله على يديه أمة من
الأمم.
{ وَأَقْرَبَ رُحْماً } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يعني أكثر براً بوالديه من المقتول، قاله قتادة، وجعل الرحم البر،
ومنه قول الشاعر:
طريدٌ تلافاه يزيد برحمةٍ فلم يُلْف من نعمائه يتعذَّرُ
الثاني: أعجل نفعاً وتعطفاً، قال أبو يونس النحوي وجعل الرحم المنفعة
والتعطف، ومنه قول الشاعر:
وكيف بظلم جارية... ومنها اللين والرحم
الثالث: أقرب أن يرحما به، والرُّحم الرحمة، قاله أبو عَمْرو بن العلاء،
ومنه قول الشاعر:
أحنى وأرحمُ مِن أمٍّ بواحدِها رُحْماً وأشجع من ذي لبدةٍ ضاري