قوله تعالى: { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } وفي قائله قولان:
أحدهما: أنه قول زكريا ليحيى حين نشأ.
الثاني: قول الله ليحيى حين بلغ.
وفي هذا { الْكِتَابَ } قولان:
أحدهما: صحف إبراهيم.
الثاني: التوراة.
{ بِقُوَّةٍ } فيه وجهان:
أحدهما: بجد واجتهاد، قاله مجاهد.
الثاني: العمل بما فيه من أمر والكف عما فيه من نهي، قاله زيد بن
أسلم.
{ وَءَاتَينَاهُ الْحُكُمَ صَبِيّاً } فيه أربعة أوجه:
أحدها: اللب، قاله الحسن.
الثاني: الفهم، قاله مقاتل.
الثالث: الأحكام والمعرفة بها.
الرابع: الحكمة.
قال معمر: إن الصبيان قالوا ليحيى إذهب بنا نلعب فقال ما للعب خلقت،
فأنزل الله { وَءَاتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً }. قاله مقاتل وكان ابن ثلاث سنين.
قوله تعالى: { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا } فيه ستة تأويلات:
أحدها: رحمة من عندنا، قاله ابن عباس وقتادة، ومنه قول الشاعر:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا حنانيكَ بعض الشر أهون من بعض
أي رحمتك وإحسانك.
الثاني: تعطفاً، قاله مجاهد.
الثالث: محبة، قاله عكرمة.
الرابع: بركة، قاله ابن جبير.
الخامس: تعظيماً.
السادس: يعني آتينا تحنناً على العباد.
ويحتمل سابعاً: أن يكون معناه رفقاً ليستعطف به القلوب وتسرع إليه الإِجابة
{ وَزَكَاةً } فيها هنا ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنها العمل الصالح الزاكي، قاله ابن جريج.
الثاني: زكيناه بحسن الثناء كما يزكي الشهود إنساناً.
الثالث: يعني صدقة به على والديه، قاله ابن قتيبة.
{ وَكَانَ تَقِيّاً } فيه وجهان:
أحدهما مطيعاً لله، قاله الكلبي.
الثاني: باراً بوالديه، قاله مقاتل.