خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ
٢٠٤
وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ
٢٠٥
وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ
٢٠٦
وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ
٢٠٧
-البقرة

النكت والعيون

قوله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةٍ الدُّنْيَا } فيه قولان:
أحدهما: يعني من الجميل والخير.
والثاني: من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرغبة في دينه.
{ وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أن يقول: اللهم اشهد عليّ فيه، وضميره بخلافه.
والثاني: معناه: وفي قلبه ما يشهد الله أنه بخلافه.
والثالث: معناه: ويستشهد الله على صحة ما في قلبه، ويعلم أنه بخلافه. وهي في قراءة ابن مسعود { وَيَسْتَشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ }.
{ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ } والألد من الرجال الشديد الخصومة، وفي الخصام قولان:
أحدهما: أنه مصدر، وهو قول الخليل.
والثاني: أنه جمع خصيم، وهو قول الزجاج.
وفي تأويل: { أَلَدُّ الْخِصَامِ } هنا أربعة أوجه:
أحدها: أنه ذو جدال، وهو قول ابن عباس.
والثاني: يعني أنه غير مستقيم الخصومة، لكنه معوجها، وهذا قول مجاهد، والسدي.
والثالث: يعني أنه كاذب، في قول الحسن البصري.
والرابع: أنه شديد القسوة في معصية الله، وهو قول قتادة.
وقد روى ابن أبي مليكة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى الأَلَدُّ الخَصَمُ" .
وفيمن قصد بهذه الآية وما بعدها قولان:
أحدهما: أنه صفة للمنافق، وهذا قول ابن عباس، والحسن.
والثاني: أنها نزلت في الأخنس بن شريق، وهو قول السدي.
قوله تعالى: { وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ } في قوله تولى تأويلان:
أحدهما: يعني غضب، حكاه النقاش.
والثاني: انصرف، وهو ظاهر قول الحسن.
وفي قوله تعالى: { لِيُفْسِدَ فِيهَا } تأويلان:
أحدهما: يفسد فيها بالصد.
والثاني: بالكفر.
{ وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ } فيه تأويلان:
أحدهما: بالسبي والقتل.
والثاني: بالضلال الذي يؤول إلى السبي والقتل.
{ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ } معناه لا يحب أهل الفساد. وقال بعضهم لا يمدح الفساد، ولا يثني عليه، وقيل أنه لا يحب كونه ديناً وشرعاً، ويحتمل: لا يحب العمل بالفساد.
قوله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ } فيه تأويلان:
أحدهما: معناه دعته العزة إلى فعل الإثم.
والثاني: معناه إذا قيل له اتق الله، عزت نفسه أن يقبلها، للإثم الذي منعه منها.
قوله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللهِ } يشري نفسه أي يبيع، كما قال تعالى:
{ { وَشَرَوهُ بثَمَنٍ بَخْسٍ } [يوسف: 20] أي باعوه، قال الحسن البصري: العمل الذي باع به نفسه الجهاد في سبيل الله.
واخْتُلِفَ فيمن نزلت فيه هذه الآية، على قولين:
أحدهما: نزلت في رجل، أمر بمعروف ونهى عن منكر، وقتل، وهذا قول علي، وعمر، وابن عباس.
والثاني: أنها نزلت في صُهيب بن سنان اشترى نفسه من المشركين بماله كله، ولحق بالمسلمين، وهذا قول عكرمة.