قوله تعالى: { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي قاربْن انقضاء
عِدَدهن، كما يقول المسافر: بلغت بلد كذا إذا قاربه.
{ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } هو المراجعة قبل انقضاء العدة { أَوْ سَرِّحُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ } وهو تركها حتى تنقضي العدة.
{ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لّتَعْتَدُواْ } هو أن يراجع كلما طلّق حتى تطول عدتها
إضراراً بها.
{ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } يعني في قصد الإضرار، وإن صحت
الرجعة، والطلاق.
رَوَى حميد بن عبد الرحمن، عن أبي موسى الأشعري: أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم غضب على الأشعريين، قالوا: يقول أحدهم قد طلقت، قد راجعت، ليس
هذا بطلاق المسلمين، طلقوا المرأة في قبل عدتها ولا تتخذوا آيات الله هزواً.
وروى سليمان بن أرقم: أن الحسن حدثهم: أن الناس كانوا على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم يُطَلّق أو يعتق، فيقال: ما صنعت؟ فيقول: كنت لاعباً، قال
رسول الله صلى اله عليه وسلم: "مَنْ طَلَّقَ لاَعِباً أَو أعْتَقَ لاَعِباً جَازَ عَليهِ" .
قال الحسن: وفيه نزلت: { وَلاَ تَتَّخِذُوا ءَايَاتِ اللهِ هُزُواً }.