قوله تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَاحِدَةً } في قائل
ذلك من الكفار قولان:
أحدهما: أنهم كفار قريش، قاله ابن عباس.
الثاني: أنهم اليهود حين رأوا نزول القرآن مفرقاً، قالوا: هلا أُنزِل عليه جملة
واحدة، كما أنزلت التوراة على موسى.
{ كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ } فيه وجهان:
أحدهما: لنشجع به قلبك، لأنه معجز يدل على صدقك، وهو معنى قول
السدي.
الثاني: معناه كذلك أنزلناه مفرقاً لنثبته في فؤادك.
وفيه وجهان:
أحدهما: لأنه كان أمياً ولم ينزل القرآن عليه مكتوباً، فكان نزوله مفرقاً أَثبتَ
في فؤاده، وأَعلَقَ بقلبه.
الثاني: لنثبت فؤادك باتصال الوحي ومداومة نزول القرآن، فلا تصير بانقطاع
الوحي مستوحشاً.
{ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } فيه خمسة تأويلات:
أحدها: ورسلناه ترسيلاً، شيئاً بعد شيء، قاله ابن عباس.
الثاني: وفرقناه تفريقاً، قاله إبراهيم.
الثالث: وفصلناه تفصيلاً، قاله السدي.
الرابع: وفسرناه تفسيراً، قاله ابن زيد.
الخامس: وبينَّاه تبييناً، قاله قتادة.
روي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا ابْنَ عَبَّاسِ إِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ
فَرِتّلْهُ تَرْتِيلاً" ، فقلت وما الترتيل؟، قال: "بَيِّنْهُ تَبْييناً وَلاَ تَبْتُرْهُ بَتْرَ الدقلِ، وَلاَ تهذه
هذّ الشِّعرِ وَلاَ يَكُونُ هَمَّ أَحدِكُم آخِرَ السُّورَةِ" .