قوله تعالى: { خَلَقَ السَّموَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا } فيه قولان:
أحدهما: بعمد لا ترونها، قاله عكرمة ومجاهد.
الثاني: أنها خلقت بغير عمد، قاله الحسن وقتادة.
{ وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ } أي جبالاً.
{ أَن تَمِيدَ بِكُمْ } أي لئلا تميد بكم وفيه وجهان:
أحدهما: معناه أن لا تزول بكم، قاله النقاش.
الثاني: أن لا تتحرك بكم، قاله يحيى بن سلام. وقيل: إن الأرض كانت تتكفأ
مثل السفينة فأرساها الله بالجبال وأنها تسعة عشر جبلاً تتشعب في الأرض حتى
صارت لها أوتاداً فتثبتت وروى أبو الأشهب عن الحسن قال: لما خلق الله الأرض
جعلت تميد فلما رأت الملائكة ما تفعل الأرض قالوا: ربنا هذه لا يقر لك على ظهرها
خلق، فأصبح قد ربطها بالجبال فلما رأت الملائكة الذي أرسيت به الأرض عجبواْ
فقالوا: يا ربنا هل خلقت خلقاً هو أشد من الجبال؟ قال: نَعَم الرِّيحُ قالوا: هل خلقت
خلقاً هو أشد من الريح؟ قال: "نَعَمْ ابنُ آدَمَ".
{ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: وخلق فيها، قاله السدي.
الثاني: وبسط، قاله الكلبي.
الثالث: فرق فيها من كل دابة وهو الحيوان سُمِّيَ بذلك لدبيبه والدبيب الحركة.
{ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } فيه قولان:
أحدهما: أنهم الناس هم نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل
النار فهو لئيم، قاله الشعبي.
الثاني: أن نبات الأرض أشجارها وزرعها، والزوج هو النوع.
وفي الكريم ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه الحسن، قاله قتادة.
الثاني: أنه الطيب الثمر، قاله ابن عيسى.
الثالث: أنه اليانع، قاله ابن كامل.
ويحتمل رابعاً: أن الكريم ما كثر ثمنه لنفاسة القدر.