قوله عز وجل: { وَجَآءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى } اختلف فيه على ثلاثة
أقاويل:
أحدها: أنه كان إسكافاً، قاله عمربن عبد الحكيم.
الثاني: أنه كان قصاراً، قاله السدي.
الثالث: أنه كان حبيب النجار، قاله ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد.
{ قَالَ يَا قَومِ اتَّبِعُواْ الْمُرْسَلِينَ } وفي علمه بنبوتهم وتصديقه لهم
قولان:
أحدهما: لأنه كان ذا زمانة أو جذام فأبرؤوه، قاله ابن عباس.
الثاني: لأنهم لما دعوه قال أتأخذون على ذلك أجراً؟ قالوا لا، فاعتقد صدقهم
وآمن بهم، قاله أبو العالية.
قوله عز وجل: { اتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً } يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون قال ذلك تنبيهاً على صدقهم.
الثاني: أن يكون قال ذلك ترغيباً في أجابتهم.
{ وُهُم مُّهْتَدُونَ } يحتمل وجهين:
أحدهما: مهتدون لهدايتكم.
الثاني: مهتدون فاهتدوا بهم.
قوله عز وجل: { وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي } أي خلقني { وَإِلَيهِ تُرْجَعُونَ }
أي تبعثون. فإن قيل: فلم أضاف الفطرة إلى نفسه والبعث إليهم وهو معترف أن الله
فطرهم جميعاً ويبعثهم إليه جميعاً؟
قيل: لأنه خلق الله تعالى له نعمة عليه توجب الشكر، والبعث في القيامة
وعيد يقتضي الزجر، فكان إضافة النعمة، إلى نفسه إضافة شكر، وإضافة الزجر إلى
الكافر أبلغ أثراً.
قال قتادة: بلغني أنهم لما قال لهم: وما لي لا أعبد الذي فطرني وثبوا عليه وثبة
رجل واحد فقتلوه وهو يقول: يا رب اهدِ قومي، أحسبه قال: فإنهم لا يعلمون.
قوله عز وجل: { إِنِّي ءَامَنتُ بِرَبِّكُم فَاسْمَعُونِ } فيه قولان:
أحدهما: أنه خاطب الرسل بذلك أنه يؤمن بالله ربهم { فَاسْمَعُونِ } أي
فاشهدوا لي، قاله ابن مسعود.
الثاني: أنه خاطب قومه بذلك، ومعناه إني آمنت بربكم الذي كفرتم به
فاسمعوا قولي، قاله وهب بن منبه.