قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} يعني بالعدل
{شُهَدَآءَ للهِ} يعني بالحق.
{وَلَو عَلَى أَنْفُسِكُمْ} وشهادة الإنسان على نفسه هي إقراراه بما عليه من
الحق لخصمه.
{أَوِ الْوَالِدَينِ وَالأَقْرَبِينَ} أن يشهد عليهم لا لهم.
{إِن يَكُنْ غَنِّياً أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ} قال
السدي: نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وقد اختصم إليه رجلان: غني وفقير، فكان ميله مع
الفقير، يرى أن الفقير لا يظلم الغني، فأمره الله عز وجل أن يقوم بالقسط في
الغني والفقير فقال: {إِن يَكُنْ غَنِّياً أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن
تَعْدِلُواْ}.
وقال ابن عباس: نزلت في الشهادة لهم وعليهم.
{وَإِن تَلوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ} قرأ ابن عباس وحمزة بواو واحدة، وهي من
الولاية أي تلوا أمور الناس أو تتركواْ، وهذا للولاة والحكام.
وقرأ الباقون: {تَلْوُواْ} بواوين. قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: هو أن
يلوي الإنسان لسانه بالشهادة كما يلوي الرجل ديْن الرجل إذا مطله، ومنه قول
النبي صلى الله عليه وسلم "ولَيُّ الْوَاجِدِ يُبِيْحُ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ" وقال الأعشى:
يلوونني ديني النهار وأقتضى ديني إذا وقذ النعاس الرُّقدا
وتكون على هذه القراءة والتأويل هذا خطاب الشهود.