قوله عز وجل: { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْداً } أي فراشاً.
{ وجَعَلَ لَكُم فِيهَا سُبُلاً } أي طرقاً.
ويحتمل ثانياً: أي معايش.
{ لَعَلَّكُم تَهْتَدُونَ } فيه وجهان:
أحدهما: تهتدون في أسفاركم، قاله ابن عيسى.
الثاني: تعرفون نعمة الله عليكم، قاله سعيد بن جبير.
ويحتمل ثالثاً: تهتدون إلى معايشكم.
قوله عز وجل: { وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: الأصناف كلها، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: أزواج الحيوان من ذكر وأنثى، قاله ابن عيسى.
الثالث: أن الأزواج الشتاء والصيف، والليل والنهار، والسموات والأرض،
والشمس والقمر، والجنة والنار، قاله الحسن.
ويحتمل رابعاً: أن الأزواج ما يتقلب فيه الناس من خيرٍ وشر، وإيمان وكفر،
وغنى وفقر، وصحة وسقم.
{ وَجَعَلَ لَكُم مِّن الْفُلْكِ } يعني السفن.
{ والأنعام ما تركبون } في الأنعام هنا قولان:
أحدهما: الإبل والبقر، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: الإبل وحدها: قاله معاذ. فذكرهم نعمه عليهم في تسييرهم في البر
والبحر.
ثم قال { لِتَسْتَوُواْ عَلَى ظُهُورِهَا } وأضاف الظهور إلى واحد لأن المراد به
الجنس فصار الواحد في معنى الجمع.
{ ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ } أي ركبتم.
{ وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا } أي ذلل لنا هذا المركب.
{ وَمَا كَنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ضابطين، قاله الأخفش.
الثاني: مماثلين في الأيد والقوة، قاله قتادة من قولهم هو قرن فلان إذا كان مثله
في القوة.
الثالث: مطيقين، قاله ابن عباس والكلبي، وأنشد قطرب لعمرو بن معدي
كرب.
لقد علم القبائل ما عقيل لنا في النائبات بمقرنينا
وفي أصله قولان:
أحدهما: أن أصله مأخوذ من الإقران، يقال أقرن فلان إذا أطاق.
الثاني: أن أصله مأخوذ من المقارنة وهو أن يقرن بعضها ببعض في السير.
وحكى سليمان بن يسار أن قوماً كانوا في سفر، فكانوا إذا ركبوا قالوا:
{ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } وكان فيهم رجل على ناقة له رازم
وهي لا تتحرك هزالاً فقال أما أنا فإني لهذه مقرن، قال فقصمت به فدقت عنقه.