قوله عز وجل: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن
شَاءَ اللَّهُ ءَامِنينَ مُحَلِّقينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} قال قتادة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى في
المنام، أنه يدخل مكة على هذه الصفة، فلما صالح قريشاً بالحديبية، ارتاب
المنافقون، حتى قال صلى الله عليه وسلم: "فَمَا رَأَيْتُ فِي هذَا العَامِ"
ثم قال: {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ} فيه قولان:
أحدهما: علم أن دخولها إلى سنة ولم تعلموه أنتم، قاله الكلبي.
الثاني: علم أن بمكة رجالاً مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم؛ الآية.
ثُمَّ قَالَ: {فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً} فيه قولان:
أحدهما: أنه الصلح الذي جرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش بالحديبية، قاله
مجاهد.
الثاني: فتح مكة، قاله ابن زيد والضحاك.
وفي قوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَآءَ اللَّهُ} ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه خارج مخرج الشرط والاستثناء.
الثاني: أنه ليس بشرط وإنما خرج مخرج الحكاية على عادة أهل الدين،
ومعناه لتدخلونه بمشيئة الله.
الثالث: إن شاء الله في دخول جميعكم أو بعضكم، ولأنه علم أن بعضهم يموت.