قوله تعالى: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي الَّيْلِ وَالنَّهَارِ} من أجسام الحيوان، لأن
من الحيوان ما يسكن ليلاً، ومنه ما يسكن نهاراً.
فإن قيل: فلم قال {مَا سَكَنَ} ولم يقل ما تحرك؟ قيل لأمرين:
أحدهما: أن ما يَعُمُّه السكون أكثر مما يَعُمُّه الحركة.
والثاني: لأن كل متحرك لا بد أن تنحل حركته سكوناً، فصار كل متحرك
ساكناً، وقد قال الكلبي: معناه وله ما استقر في الليل والنهار، وهما الزمان كله،
لأنه لا زمان إلا ليل أو نهار، ولا فصل بينهما يخرج عن واحد منهما.
قوله عز وجل: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيَّاً} يعني إلهاً يَتَولاَّنِي.
{فَاطِر السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} أي خالق السموات والأرض ومبتدئها، قال
ابن عباس: كنت لا أدري ما فاطر حتى اختصم إليّ أعرابيان في بئر، فقال
أحدهما لصاحبه: أنا فَطَرْتُهَا، أي ابتدأتها، وأصل الفطر الشق، ومنه { هَلْ
تَرَى مِن فُطُورٍ } [الملك: 3] أي شقوق.
{وَهُوَ يَطْعمُ وَلاَ يُطْعَمُ} معناه يَرْزُقُ ولا يُرْزَق، قرأ بعضهم {وَهُوَ
يُطْعِمُ ولا يَطْعَمُ} معناه على هذه القراءة: وهو يطعم خلقه ولا يأكل.
{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} يعني من أمته، وفي إسلامه هذا
ثلاثة أوجه:
أحدها: استسلامه لأمر الله، ومثله قول الشاعر:
طال النهار على من لقاح له إلا الهديّة أو ترك بإسلام
أي باستسلام.
والثاني: هو دخوله في سِلْمِ الله وخروجه من عداوته.
والثالث: دخوله في دين إبراهيم كقوله تعالى: { مِلَّهَ ءَابِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ
سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ } [الحج: 78] ويكون المراد به أول من أَسْلَم من قريش، وقيل: من أهل مكة.
{وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} يحتمل أن يكون هذا خطاباً من الله لنبيه يَنْهَاهُ
به عن الشرك، ويُحْتَمَل أن يكون المراد به جميع أمته، وإن توجه الخطاب إليه.