قوله عز وجل: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً...} أي فرقناهم فيها فرقاً.
وفي تفريقهم فيها ثلاثة أوجه:
أحدها: زيادة في الانتقام منهم.
والثاني: ليذهب تعاونهم.
والثالث: ليتميز الصالح من المفسر لقوله تعالى: {مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ
دَونَ ذَلِكَ} ثم قال: {وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: بالثواب والعقاب.
والثاني: بالنعم والنقم.
والثالث: بالخصب والجدب.
قوله عز وجل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} معناه فخلفهم خلف، والخلف
بتسكين اللام مستعمل في الذم. وبفتح اللام مستعمل في الحمد. وقال أبو عبيدة.
معناها [واحد] مثل الأثر والإثر، والأول أظهر وهو في قول الشعراء أشهر، قال
بعضهم:
خــلفت خــلفـــاً لـــيـــت بــهــم كــان، لا بِكَ الــتـــلف
وفي الخلف وجهان:
أحدهما: القرن، قاله الفراء.
والثاني: أنه جمع خالف.
{وَرِثُواْ الْكِتَابَ} يعني انتقل إليهم انتقال الميراث من سلف إلى خلف وفيهم
قولان:
أحدهما: أنهم من خلف اليهود من أبنائهم. والكتاب الذي ورثوه التوراة
لانتقالها لهم.
والثاني: أنهم النصارى: لأنهم خلف من اليهود. والكتاب الذي ورثوه:
الإنجيل لحصوله معهم، قاله مجاهد.
{يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى} يعني الرشوة على الحكم في قول الجميع
وسماه عرضاً لقلة بقائه. وفي وصفه بالأدنى وجهان:
أحدهما: لأخذه في الدنيا الدانية.
والثاني: لأنه من المحرمات الدنية.
{وَيَقُولُونَ: سَيُغْفرُ لَنَا} يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه مغفور، لا نؤاخذ به.
والثاني: أنه ذنب لكن الله قد يغفره لنا تأميلاً منهم لرحمته.
{وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} فيه وجهان:
أحدهما: أنهم أهل إصرار على الذنوب، قاله مجاهد وقتادة والسدي.
والثاني: أنهم لا يشبعهم شيء، فهم لا يأخذونه لحاجة، قاله الحسن.
{أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ} يحتمل وجهين:
أحدهما: ألا يقولوا على الله إلا الحق في تحريم الحكم بالرشا.
والثاني: في جميع الطاعات والمعاصي والأوامر والنواهي.
{وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ} فيه تأويلان:
أحدهما: تركوا ما فيه أن يعملوا به حتى صار دارساً.
والثاني: أنهم قد تلوه ودرسوه فهم لا يجهلون ما فيه ويقومون على مخالفته مع
العلم به.