خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ
١١
إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ
١٢
ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
١٣
ذٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ
١٤
-الأنفال

النكت والعيون

قوله تعالى: { إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسُ أَمَنَةً مِّنْهُ } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وكثيراً من أصحابه غشيهم النعاس ببدر.
قال سهل بن عبد الله: النعاس يحل في الرأس مع حياة القلب، والنوم يحل في القلب بعد نزول من الرأس، فهوَّمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ناموا فبشر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصر فأخبر به أبا بكر.
وفي امتنان الله تعالى عليهم بالنوم في هذه الليلة وجهان:
أحدهما: قوّاهم بالاستراحة على القتال من الغد.
الثاني: أن أمَّنَهم بزوال الرعب من قلوبهم، كما قال: الأمن منيم، والخوف مسهر.
وقوله تعالى: { أََمَنَةً مِّنْهُ } يعني به الدعة وسكون النفس من الخوف وفيه وجهان:
أحدهما: أمنة من العدو.
الثاني: أمنة من الله سبحانه وتعالى.
{ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ } لأن الله تعالى أنزل عليهم ماء السماء معونة لهم بثلاثة أمور:
أحدها: الشرب وإن كانوا على ماء.
الثاني: وهو أخص أحواله بهم في ذلك المكان وهو أن الرمل تلبد بالماء حتى أمكن المسلمين القتال عليه.
والثالث: ما وصفه الله تعالى به من حال التطهير.
وفي تطهيرهم به وجهان:
أحدهما: من وساوس الشيطان التي ألقى بها في قلوبهم الرعب، قاله زيد بن أسلم.
والثاني: من الأحداث والأنجاس التي نالتهم، قاله الجمهور.
قال ابن عطاء: أنزل عليهم ماءً طهر به ظواهر أبدانهم، وأنزل عليهم رحمة نقّى بها سرائر قلوبهم.
وإنما خصه الله تعالى بهذه الصفة لأمرين.
أحدهما: أنها أخص صفاته.
والثاني: أنها ألزم صفاته.
ثم قال: { وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشّيَطانِ } فيه قولان:
أحدهما: وسوسته أن المشركين قد غلبوهم على الماء، قاله ابن عباس.
والثاني: كيده وهو قوله: ليس لكم بهؤلاء القوم طاقة، قاله ابن زيد.
{ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ } يحتمل وجهين:
أحدهما: ثقة بالنصر.
والثاني: باستيلائهم على الماء.
{ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ } فيه قولان:
أحدهما: بالصبر الذي أفرغه الله تعالى حتى يثبتوا لعدوهم، قاله أبو عبيدة.
والثاني: تلبيد الرمل بالمطر الذي لا يثبت عليه قدم، وهو قول ابن عباس، ومجاهد، والضحاك.
قوله عز وجل: { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ } معناه معينكم ويحتمل أن يكون معناه إني معكم في نصرة الرسول، فتكون الملائكة لتثبيت المؤمنين، والله تعالى متولي النصر بما ألقاه من الرعب في قلوب المشركين.
{ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ءَامَنُواْ } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: فثبوتهم بحضوركم معهم في الحرب.
والثاني: بقتالكم معهم يوم بدر، قاله الحسن.
والثالث: بإخبارهم أنه لا بأس عليهم من عدوهم.
{ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ } يعني الخوف، ويحتمل أحد وجهين:
إما أن يكون إلقاء الرعب بتخاذلهم، وإما أن يكون بتكثير المسلمين في أعينهم.
وفي ذلك وجهان:
أحدهما: أنه قال ذلك للملائكة معونة لهم.
والثاني: أنه قال ذلك له ليثبتوا به الذين آمنوا. { فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ } فيه خمسة أقاويل:
أحدها: فاضربوا الأعناق، وفوق صلة زائدة في الكلام، قاله عطية والضحاك.
وقد روى المسعودي عن القاسم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لأُُعَذِّبَ بَعَذَابِ اللَّهِ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ بِضَرْبِ الأَعْنَاقِ وَشَدِّ الْوَثَاقِ" . والثاني: معناه واضربوا الرؤوس فوق الأعناق، قاله عكرمة.
والثالث: فاضربوا على الأعناق.
والرابع: فاضربوا على الأعناق.
والخامس: فاضربوا فوق جلدة الأعناق.
{ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } يعني المفاصل من أطراف الأيدي والأرجل والبنان: أطراف الأصابع من اليدين والرجلين.