خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
١٧
ذٰلِكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَافِرِينَ
١٨
-الأنفال

النكت والعيون

قوله عز وجل: { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ } يحتمل وجهين:
أحدهما: ولكن الله قتلهم بسوقهم إليكم حتى أمكنكم منهم.
والثاني: ولكن الله قتلهم بمعونته لكم حين ألقى في قلوبهم الرعب وفي قلوبكم النصر.
وفيه وجه ثالث قاله ابن بحر: ولكن الله قتلهم بالملائكة الذين أمدكم بهم.
وقيل لم تقتلوهم بقوتكم وسلاحكم ولكن الله قتلهم بخذلانهم وقبض أرماحهم.
{ وَمَا رَمَيْتَ إذَ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } فيه أربعة أقاويل:
أحدها: ما حكاه ابن عباس، وعرة، والسدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض يوم بدر قبضة من تراب رماهم بها وقال:
"شَاهَتِ الْوُجُوهُ" أي قبحت ومنه قول الحطيئة:

أرى لي وجهاً شوه الله خلقه.. فقُبح من وجهٍ وقبح حامله.

فألقى الله تعالى القبضة في أبصارهم حتى شغلتهم بأنفسهم وأظفر الله المسلمين بهم، فهو معنى قوله تعالى: { وَمَا رَمَيْتَ إذَ رَمَيْتَ وَلَكِنَ اللَّهَ رَمَى }. الثاني: معناه وما ظفرت إذ رميت ولكن الله أظفرك، قاله أبو عبيدة.
الثالث: وما رميت قلوبهم بالرعب إذ رميت وجوههم بالتراب ولكن الله ملأ قلوبهم رعباً.
والقول الرابع: أنه أرد رمى أصحابه بالسهم فأصاب رميهم.
وقوله تعالى: { وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } يعني بما أرسله من الريح المعينة لسهامهم حتى سددت وأصابت. والمراد بالرمي الإصابة لأن معى الرمي محمول على الإصابة، فإن لم يصب قيل رمى فأخطأ. وإذا قيل مطلقاً:
قد رمى، لم يعقل منه إلا الإصابة. ألا ترى إلى قول امرىء القيس:

فرماها في فرائصها.

فاستغنى بذكر الرمي عن وصفه بالإصابة.
وقال ذو الرمة في الرأي:

رمى فأخطأ والأقدار غالبةٌ.. فانصاع والويل هجيراه والحربُ

قوله عز وجل: { وَليُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاَءً حَسَناً } قال أصحاب الخواطر: البلاء الحسن ما يورثك الرضا به والصبر عليه.
وقال المفسرون: البلاء الحسن ها هنا النعمة بالظفر والغنيمة.