{ وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا }، أي: لهم مثها، كما قال:
{ { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَىۤ إِلاَّ مِثْلَهَا } [الأنعام: 160]. { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ }، و«من» صلة، أي: ما لهم من الله عاصم، { كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ }، ألبست، { وُجُوهُهُمْ قِطَعاً }، جمع قطعة، { مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً }، نصبت على الحال دون النعت، ولذلك لم يقل: مظلمة، تقديره: قِطَعاً من الليل في حال ظلمته، أو قطعاً من الليل المظلم. وقرأ ابن كثير والكسائي ويعقوب: «قِطْعاً» ساكنة الطاء، أي بعضاً، كقوله: { { بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلْلَّيْلِ } [هود: 81]. { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }.
قوله تعالى: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ }، [أي: الزمُوا مكانَكم]، { أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ }، يعني: الأوثان، معناه: ثم نقول للذين أشركوا: الزمُوا أنتم وشركاؤكم مكانَكم، ولا تبرحوا.
{ فَزَيَّلْنَا } ميّزنا وفرّقنا { بَيْنَهُمْ }، أي: بين المشركين وشركائهم، وقَطَعْنَا ما كان بينهم من التواصل في الدنيا، وذلك حين يتبرأ كل معبودٍ من دون الله ممن عبده، { وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ }، يعني: الأصنام، { مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ }، بطلبتنا فيقولون: بلى، كنا نعبدكم، فتقول الأصنام:
{ فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ }، أي: ما كنا عن عبادتكم إيّانا إلا غافلين، ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نعقل.
قال الله تعالى: { هُنَالِكَ تَبْلُواْ }، أي: تُختبر. وقيل: ومعناه تعلم وتقف عليه، وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب: «تتلو» بتاءين، أي: تقرأ، { كُلُّ نَفْسٍ }، صحيفتَها. وقيل: معناه تتبع كل نفس، { مَّآ أَسْلَفَتْ }، ما قدّمتْ من خير أو شر. وقيل: معناه تعاين، { وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ }، إلى حكمه فيتفرد فيهم بالحكم، { مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ }، الذي يتولى ويملك أمورهم: فإن قيل: أليس قد قال:
{ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } [محمد: 11]؟ قيل: المولى هناك بمعنى الناصر، وهاهنا بمعنى المالك، { وَضَلَّ عَنْهُمْ }، زال عنهم وبطل، { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }، في الدنيا من التكذيب.