قوله تعالى: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ} يامحمد، {بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ} في حياتك مِنَ العذاب، {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ}، قبل تعذيبهم، {فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ} في الآخرة، {ثُمَّ ٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ}، فيجزيهم به، «ثم» بمعنى الواو، تقديره: والله شهيدٌ. قال مجاهد: فكان البعض الذي أراه قتلهم ببدر، وسائر أنواع العذاب بعد موتهم.
قوله عزّ وجلّ: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ}، وكذبوه، {قُضِىَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ}، أي: عُذِّبُوا في الدنيا وأُهلكوا بالعذاب، يعني: قبل مجيء الرسول، لا ثواب ولا عقاب. وقال مجاهد ومقاتل: فإذا جاء رسولهم الذي أُرسل إليهم يوم القيامة قُضِيَ بينه وبينهم بالقسط، {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}، لا يعذبون بغير ذنب ولا يُؤاخذون بغير حجة ولا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم.
{وَيَقُولُونَ}، أي: ويقول المشركون، {مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ} الذي تعدنا يامحمد من العذاب. وقيل: قيام الساعة، {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}، أنتَ يامحمدُ وأتباعُك.
{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِى}، لا أقدر لها على شيء، {ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً}، أي: دفع ضر ولا جلب نفع، {إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ}، أن أملكه، {لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ}، مدة مضروبة، {إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ}، وقت فناء أعمارهم، {فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}، أي: لا يتأخرون ولا يتقدمون.
قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً}، ليلاً، {أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ ٱلْمُجْرِمُونَ}، أي: ماذا يستعجل من الله المشركون. وقيل: ماذا يستعجل من العذاب المجرمون، وقد وقعوا فيه. وحقيقة المعنى: أنهم كانوا يستعجلون العذاب، فيقولون:
{ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32]. فيقول الله تعالى: {مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ} يعني: أيش يعلم المجرمون ماذا يستعجلون ويطلبون، كالرجل يقول لغيره وقد فعل قبيحاً ماذا جنيت على نفسك.