خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ
٨٨
قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
٨٩
-يونس

معالم التنزيل

قوله تعالى: { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ ءَاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً }، من متاع الدنيا، { وَأَمْوَالاً فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ }، اختلفوا في هذه اللام، قيل: هي لامُ كي، معناه: آتيتهم كي تفتنهم فيضلوا، ويضلوا، كقوله: { { لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } [الجن: 16].

وقيل: هي لام العاقبة يعني: فيضلوا ويكون عاقبة أمرهم الضلال، كقوله: { { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [القصص: 8].

قوله: { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَٰلِهِمْ }، قال مجاهد: أهلِكْها، والطمس: المَحْق.

وقال أكثر أهل التفسير: امسخها وغيِّرها عن هئيتها.

وقال قتادة: صارت أموالهم وحروثُهم وزروعُهم وجواهرهم حجارةً.

وقال محمد بن كعب: جعل سكرَّهم حجارة، وكان الرجل مع أهله في فراشه فصارَا حجرين، والمرأة قائمة تخبز فصارت حجراً.

قال ابن عباس رضي الله عنه: بلغنا أن الدراهم والدنانير صارت حجارة منقوشة كهيئتها صحاحاً وأنصافاً وأثلاثاً.

ودعا عمر بن عبدالعزيز بخريطة فيها أشياء من بقايا آل فرعون فأخرج منها البيضة مشقوقة والجوزة مشقوقة وإنها لحجر.

قال السدي: مسخ الله أموالهم حجارة، والنخيل والثمار والدقيق والأطعمة، فكانت إحدى الآيات التسع.

{ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ }، أي: أَقْسِهَا واطبعْ عليها حتى لا تلين ولا تنشرح للإِيمان، { فَلاَ يُؤْمِنُواْ }، قيل: هو نصب بجواب الدعاء بالفاء. وقيل: هو عطف على قوله: «ليضلوا»، أي: ليضلوا فلا يؤمنوا. وقال الفراء: هو دعاء محله جزم، فكأنه قال: اللهم فلا يؤمنوا، { حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ }، وهو الغرق. قال السدي: معناه أمِتْهُم على الكفر.

{ قَالَ } الله تعالى لموسى وهارون، { قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا }، إنما نسب إليهما والدعاء كان من موسى لأنه رُوي أن موسى كان يدعو وهارون يؤمِّن، والتأمين دعاء. وفي بعض القصص: كان بين دعاء موسى وإجابته أربعون سنة. { فَٱسْتَقِيمَا }، على الرسالة والدعوة، وامضيا لأمري إلى أن يأتيهم العذاب، { وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ }، نهي بالنون الثقيلة، ومحله جزم، يقال في الواحد لا تتبعنَّ بفتح النون لالتقاء الساكنين، وبكسر النون في التثنية لهذه العلة. وقرأ ابن عامر بتخفيف النون. لأن نون التأكيد تثقَّل وتخفف، { سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }، يعني: ولاتسلكا سبيل الذين يجهلون حقيقة وَعْدي، فإن وعدي لا خُلْفَ فيه، ووعيدي نازل بفرعونَ وقومِه.