{ فَلاَ تَكُ في مِرْيَةٍ }، في شك، { مِّمَّا يَعْبُدُ هَـٰؤُلاۤءِ }، أنهم ضُلاَّل، { مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ }، فيه إضمار، أي: كما كان يعبد، { ءَابَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ } حظهم من الجزاء. { غَيْرَ مَنقُوصٍ }.
{ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَـٰبَ }، التوراة، { فَٱخْتُلِفَ فِيهِ } فَمن مصدق به ومكذب، كما فعل قومك بالقرآن، يُعزِّي نبيه صلى الله عليه وسلم { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } في تأخير العذاب عنهم، { لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ }، أي: لعُذِّبُوا في الحال وفُرغ من عذابهم وإهلاكهم، { وَإِنَّهُمْ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ }، موقع في الريبة والتهمة.
{ وَإِنَّ كُـلاًّ }، قرأ ابن كثير ونافع وأبو بكر: "وإنْ كّلاً"، ساكنة النون على تخفيف إن الثقيلة، والباقون بتشديدها، { لمّا } شدَّدها هنا وفي يس والطارق، ابن عامر وعاصم وحمزة، وافق أبو جعفر هاهنا، وفي الطارق والزخرف، بالتشديد عاصم وحمزة والباقون بالتخفيف، فمن شدد قال الأصل فيه: { وإنّ كّلاً } [لمن ما، فوصلت من الجارة بما، فانقلبت النون ميماً للإِدغام، فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت إحداهن، فبقيت لما بالتشديد، و«ما» هاهنا بمعنى: مَنْ، هو اسم لجماعة من الناس، كما قال تعالى:
{ { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ } [النساء:3]، أي: من طاب لكم، والمعنى: وإنّ كلاًّ لمن جماعة ليوفينّهم.
ومن قرأ بالتخفيف قال: «ما» صلة زيدت بين اللامين ليفصل بينهما كراهة اجتماعهما، والمعنى: وإن كّلاً ليوفينّهم.
وقيل «ما» بمعنى مَنْ، تقدير: لمن ليوفينهم، واللام في «لما» لام التأكيد، التي تدخل على خبر إن، وفي ليوفينّهم لام القسم، والقسم مضمر تقديره: والله، { لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ }، أي: جزاء أعمالهم، { إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }.