خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٦
أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ
١٧
-هود

معالم التنزيل

{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلأَخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا } أي: في الدنيا، { وَبَاطِلٌ }، { مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.

اختلفوا في معنى هذه الآية: فقال مجاهد: هم أهل الرياء. وروينا أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ أخوفَ ما أخافُ عليكم الشركُ الأصغرُ، قالوا: يا رسول الله وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء" .

قيل: هذا في الكفار، وأما المؤمن: فيريد الدنيا والآخرة، وإرادته الآخرة غالبة، فيجازى بحسناته في الدنيا، ويثاب عليها في الآخرة.

وروينا عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الله عزّ وجلّ لايظلم المؤمنَ حسنةً، يثاب عليها الرزق في الدنيا ويُجزَى بها في الآخرة، وأما الكافر فيُطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكنْ له حسنة يُعطى بها خيراً" .

قوله تعالى: { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ }، بيان، { مِّن رَّبِّهِ }، قيل: في الآية حذف، ومعناه: أفمن كان على بينة من ربه كمن يريد الحياة الدنيا وزينتها، أو مَنْ كان على بينة من ربّه كمن هو في الضلالة والجهالة، والمراد بالذي هو على بينة من ربه: النبيُّ صلى الله عليه وسلم.

{ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ }، أي: يتبعه من يشهد له بصدقه. واختلفوا في هذا الشاهد: فقال ابن عباس، وعلقمة، وإبراهيم، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك، وأكثر أهل التفسير: إنه جبريل عليه السلام.

وقال الحسن وقتادة: هو لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى ابن جريج عن مجاهد قال: هو ملك يحفظه ويسدده.

وقال الحسين بن الفضل: هو القرآن ونظمه وإعجازه.

وقيل: هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال علي: ما من رجل من قريش إلا وقد نزلت فيه آية من القرآن، فقال له رجل: وأنت أيُّ شيءٍ نزل فيك؟ قال: { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ }.

وقيل: شاهد منه: هو الإِنجيل.

{ وَمِن قَبْلِهِ }، أي: ومن قبل مجيء محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: من قبل نزول القرآن. { كِتَابُ مُوسَىٰ }، أي: كان كتاب موسى، { إِمَاماً وَرَحْمَةً }، لمن اتبعها، يعني: التوراة، وهي مصدقة للقرآن، شاهدة للنبي صلى الله عليه وسلم، { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ }، يعني: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: أراد الذين أسلموا من أهل الكتاب.

{ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ }، أي: بمحمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: بالقرآن، { مِنَ ٱلأَحْزَابِ }، من الكفار من أهل الملل كلها، { فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ }.

أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي، أخبرنا أبو طاهر الزيادي، أخبرنا محمد بن الحسين القطان، أخبرنا أحمد بن يوسف السلمي، أخبرنا عبدالرزاق، أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسُ محمدٍ بيدهِ لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمة، ولا يهوديٌّ، ولا نصرانيٌّ، ثم يموتُ ولم يؤمنْ بالذي أُرسلتُ به إلاّ كان من أصحاب النار" .

قوله تعالى: { فَلاَ تَكُ فِى مِرْيَةٍ مِّنْهُ }، أي: في شكَ منه، { إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }.