{ وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ }، قال أهل المعاني: جاؤوا في ظلمة العِشاء ليكونوا أجرأ على الاعتذار بالكذب. ورُوي أن يعقوب عليه السلام سمع صياحهم وعويلهم فخرج، وقال: مالكم يا بَنِيَّ هل أصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا: لا. قال: فما أصابكم وأين يوسف؟؟.
{ قَالُواْ يَـٰأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ }، أي: نترامى وننتضل، وقال السدي: نشتدُّ على أقدامنا. { وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَـٰعِنَا }، أي: عند ثيابنا وأقمشتنا. { فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا }، بمصدق لنا، { وَلَوْ كُنَّا }، وإن كنّا، { صَـٰدِقِينَ }.
فإن قيل: كيف قالوا ليعقوب أنت لا تصدق الصادق؟.
قيل: معناه إنك تتهمنا في هذا الأمر لأنك خفتنا عليه في الابتداء واتهمتنا في حقه.
وقيل: معناه لا تصدقنا لأنه لا دليل لنا على صدقنا وإن كنّا صادقين عند الله.
{ وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ }، أي: بدمٍ هو كذب، لأنه لم يكن دم يوسف. وقيل: بدم مكذوب فيه، فوضع المصدر موضع الاسم.
وفي القصة: أنهم لطخوا القميص بالدم ولم يشقُّوه، فقال يعقوب عليه السلام: كيف أكله الذئب ولم يشق قميصه؟ فاتهمهم.
{ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ }، زيَّنت، { لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ }، معناه: فأمري صبر جميل أو فعلي صبرٌ جميل.
وقيل: فصبر جميل أختاره.
والصبر الجميل الذي لا شكوى فيه ولا جزع.
{ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ }، أي: أستعين بالله على الصبر، على ما تكذبون.
وفي القصة: أنهم جاؤُا بذئب وقالوا هذا الذي أكله فقال له يعقوب ياذئب أنت أكلت ولدي وثمرة فؤادي؟ فأنطقه الله عزّ وجلّ، فقال: تالله ما رأيت وجه ابنك قط.
قال: كيف وقعت بأرض كنعان؟.
قال: جئت لصلة قرابة فصادني هؤلاء فمكث يوسف في البئر ثلاثة أيام.