{ فَلَمَّا ٱسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ }، أي: أيسوا من يوسف أن يجيبهم إلى ما سألوه. وقال أبو عبيدة: استيأسوا استيقنوا أن الأخ لا يُرد إليهم. { خَلَصُواْ نَجِيّاً }، أي: خلا بعضهم ببعض يتناجون ويتشاورون لا يخالطهم غيرهم.
والنجيُّ يصلح للجماعة كما قال هاهنا ويصلح للواحد كقوله:
{ { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } [مريم:52]، وإنما جاز للواحد والجمع لأنه مصدر جعل نعتاً كالعدل والزور، ومثله النجوى يكون اسماً ومصدراً، قال الله تعالى: { { وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ } [الاسراء:47]، أي: متناجون. وقال: { { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ } [المجادلة:7]، وقال في المصدر: { { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ } [المجادلة:10].
{ قَالَ كَبِيرُهُمْ }، يعني: في العقل والعلم لا في السن.
قال ابن عباس والكلبي: هو يهوذا وهو أعقلهم.
وقال مجاهد: هو شمعون، وكانت له الرئاسة على إخوته.
وقال قتادة والسدي والضحاك: هو روبيل، وكان أكبرهم في السن، وهو الذي نهى الإِخوة عن قتل يوسف.
{ أَلَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقاً }، عهداً. { مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ }، قصّرتم { فِى يُوسُفَ }.
واختلفوا في محل { ما }؛ قيل: هو نصب بإيقاع العلم عليه، يعني: ألم تعلموا من قبل تفريطكم في يوسف.
[وقيل: وهو في محل رفع على الابتداء وتم الكلام عند قوله: { مِّنَ ٱللَّهِ } ثم قال { وَمِن قَبْلُ } هذا تفريطكم في يوسف].
وقيل: { ما } صلة، أي: ومن قبل هذا فرطتم في يوسف.
{ فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ }، التي أنا بها وهي أرض مصر، { حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِىۤ أَبِىۤ }، بالخروج منها ويدعوني، { أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِى }، بردِّ أخي إليّ، أو بخروجي وترك أخي.
وقيل: أو يحكم الله لي بالسيف فأقاتلهم وأسترد أخي.
{ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَـٰكِمِينَ }، أعدل مَنْ فَصَلَ بين الناس.