خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا وَٱلْعِيْرَ ٱلَّتِيۤ أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ
٨٢
قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
٨٣
وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ عَلَى يُوسُفَ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ
٨٤
-يوسف

معالم التنزيل

{ وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِي كُنَّا فِيهَا }، أي: أهلَ القرية وهي مصر. قال ابن عباس: هي قرية من قرى مصر كانوا ارتحلوا منها إلى مصر. { وَٱلْعِيرَ ٱلَّتِىۤ أَقْبَلْنَا فِيهَا }، أي: القافلة التي كنا فيها. وكان صَحِبَهم قوم من كنعان من جيران يعقوب.

قال ابن إسحاق: عرف الأخ المحتبس بمصر أن إخوته أهل تهمة عند أبيهم لِما كانوا يصنعوا في أمر يوسف، فأمرهم أن يقولوا هذا لأبيهم.

{ وَإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ }.

فإن قيل: كيف استجاز يوسف أن يعمل مثل هذا بأبيه ولم يخبره بمكانه، وحبس أخاه مع علمه بشدة وجد أبيه عليه، وفيه معنى العقوق وقطيعة الرحم وقلة الشفقة؟.

قيل: قد أكثر الناس فيه، والصحيح أنه عمل ذلك بأمر الله سبحانه وتعالى، أمره بذلك، ليزيد في بلاء يعقوب فيضاعف له الأجر ويلحقه في الدرجة بآبائه الماضين.

وقيل: إنه لم يظهر نفسه لإِخوته لأنه لم يأمن أن يدبروا في أمره تدبيراً فيكتموه عن أبيه، والأول أصح.

{ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ }، زيّنت، { أَنفُسُكُمْ أَمْراً }، وفيه اختصار معناه: فرجعوا إلى أبيهم وذكروا لأبيهم ما قال كبيرهم، فقال يعقوب: { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً }، أي: حمل أخيكم إلى مصر لطلب نفع عاجل.

{ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِى بِهِمْ جَمِيعاً }، يعني: يوسف، وبنيامين، وأخاهم المقيم بمصر.

{ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ }، بحزني ووجدي على فقدهم، { ٱلْحَكِيمُ }، في تدبير خلقه.

قوله تعالى: { وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ }، وذلك أن يعقوب عليه السلام لمّا بلغه خبر بنيامين تتامَّ حزنه وبلغ جهده، وتهيج حزنه على يوسف فأعرض عنهم، { وَقَالَ يَٰأَسَفَىٰ }، يا حزناه، { عَلَىٰ يُوسُفَ }، والأسفُ أشدُّ الحزن، { وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ }، يعني: عُمي بصره. قال مقاتل: لم يبصر بهما ست سنين، { فَهُوَ كَظِيمٌ }، أي: مكظوم مملوء من الحزن ممسك عليه لا يبثه. قال قتادة: تردد حزنه في جوفه ولم يقل إلاّ خيراً. وقال الحسن: كان بين خروج يوسف من حجر أبيه إلى يوم التقى معه ثمانون عاماً لا تجف عينا يعقوب وما على وجه الأرض يومئذ أكرم على الله من يعقوب.