خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٢٥
-إبراهيم

معالم التنزيل

{ تُؤْتِىۤ أُكُلَهَا }، تعطي ثمرها، { كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } والحين في اللغة هو الوقت.

وقد اختلفوا في معناه هاهنا فقال مجاهد وعكرمة: الحين هاهنا: سنة كاملةٌ، لأن النخلة تثمر كل سنة.

وقال سعيد بن جبير وقتادة والحسن: ستة أشهر من وقت إطلاعها إلى صرامها. وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وقيل: أربعة أشهر من حين ظهورها إلى إدراكها.

وقال سعيد بن المسيب: شهران من حين تؤكل إلى حين الصرام.

وقال الربيع بن أنس: "كل حين": أي: كل غدوة وعشية، لأن ثمر النخل يؤكل أبداً ليلاً ونهاراً، وصيفاً وشتاءً، إما تمراً أو رُطَباً أو بُسْراً، كذلك عملُ المؤمن يصعدُ أول النهار وآخره وبرَكةُ إيمانهِ لا تنقطع أبداً، بل تصل إليه في كل وقت.

والحكمةُ في تمثيل الإِيمان بالشجرة: لا تكون شجرة إلا بثلاثة أشياء: عِرق راسخ، وأصل قائم، وفرع عال، كذلك الإِيمان لا يتم إلا بثلاثة أشياء: تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأبدان.

أخبرنا أبو عبدالله محمد بن الفضل الخَرقي، أنبأنا أبو الحسن علي بن عبدالله الطيسفوني، أنبأنا عبدالله بن عمر الجوهري، أخبرنا أحمد بن علي الكشميهني، حدثنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا عبدالله بن دينار أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من الشجر شجرةً لا يسقط ورقُها، وإنها مثل المسلم فحدِّثوني ما هي؟ قال عبدالله: فوقع الناس في شجر البوادي، ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت، ثم قالوا: حدِّثْنا ما هي يارسول الله؟ قال: هي النخلة. قال عبدالله: فذكرتُ ذلك لعمر، فقال: لأنْ تكون قلتَ هي النخلة كان أحبَّ إلي من كذا وكذا" .

وقيل الحكمة في تشبيهها بالنخلة من بين سائر الأشجار: أن النخلة أشبه الأشجار بالإِنسان من حيثُ أنها إذا قطع رأسها يبست، وسائر الأشجار تتشعب من جوانبها بعد قطع رؤوسها ولأنها تشبه الإِنسان في أنها لا تحمل إلا بالتلقيح ولأنها خلقت من فضل طينة آدم عليه السلام، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أكرموا عمتكم قيل: ومن عمتنا؟ قال: النخلة" { وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }.