خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ
٢٧
-إبراهيم

معالم التنزيل

قوله تعالى: { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ }، كلمة التوحيد، وهي قول: لا إله إلا الله { فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } يعني قبل الموت، { وَفِى ٱلأَخِرَةِ }، يعني في القبر. هذا قول أكثر أهل التفسير.

وقيل: { فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } عند السؤال في القبر، { وَفِى ٱلأَخِرَةِ } عند البعث.

والأول أصح.

أخبرنا عبدالواحد بن أحمد المليحي، أنبأنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، أخبرني علقمة بن مرثد قال: سمعت سعد بن عبيدة، عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فذلك قوله تعالى: { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلأَخِرَةِ }" .

وأخبرنا إسماعيل بن عبدالقاهر، أنبأنا عبدالغافر بن محمد، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، أنبأنا مسلم بن الحجاج، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة بهذا الإِسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "{ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ } قال: نزلت في عذاب القبر يقال له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، ونبيي محمد، فذلك قوله تعالى: { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ }" الآية.

وأخبرنا عبدالواحد المليحي، أنبأنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد ابن إسماعيل، حدثنا عياش بن الوليد، حدثنا عبدالأعلى، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ العبدَ إذا وُضِع في قبره، وتولَّى عنه أصحابُه إنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه مَلَكان، فيُقْعِدانه، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل، لمحمد صلى الله عليه وسلم؟ فأما المؤمن، فيقول: أشهد أنه عبدالله ورسوله. فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما جميعاً" قال قتادة: وذكر لنا أنه يُفْسَحُ له في قبره، ثم رجع إلى حديث أنس قال: "وأما المنافقُ والكافر فيقال له: ما كنتَ تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال له: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، ويُضْرَبُ بمطارقَ من حديدٍ ضربةً، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غيرَ الثَّقَلَيْن" .

أخبرنا أبو الفرج المظفر بن إسماعيل التميمي، حدثنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي، أنبأنا أبو أحمد عبدالله بن عدي الحافظ، حدثنا عبدالله بن سعيد، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا عنبسة بن سعيد بن كثير، حدثني جدي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الميت يسمع حِسَّ النِّعال إذا ولَّى عنه الناس مُدْبِرين، ثم يُجْلَسُ ويُوضَعُ كفنُه في عُنُقِه ثم يُسأل" .

ورُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قُبِر الميتُ أتاه مَلَكان أسودان أزرقان، يقال لأحدهما: المنكر، وللآخر النَّكير، فيقولان: ما كنتَ تقول في هذا الرجل؟ فيقول: هو عبدالله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبد الله ورسوله، فيقولان له: قد كنا نعلم أنك تقولُ هذا، ثم يُفْسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين، ثم ينوَّر له فيه، ثم يقال: نمْ كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحبُّ أهله إليه، حتى يبعثه الله تعالى، وإن كان منافقاً أو كافراً قال: سمعت الناس يقولون قولاً فقلت مثله، لا أدري، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك فيقال للأرض التئمي عليه فتلتئم عليه، فتختلف أضلاعه، فلا يزال فيها معذَّباً حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك" .

وروي عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "ذكر قبض روح المؤمن وقال: فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان له من ربك وما دينك ومن نبيك؟ [فيقول: ربي الله وديني الإِسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم فينتهرانه ويقولان له الثانيةَ: من ربك وما دينك ومن نبيك] وهي أخر فتنة تعرض على المؤمن فيثبته الله عزّ وجلّ، فيقول: ربي الله وديني الإِسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، فينادي منادٍ من السماء أنْ صَدَق عبدي، قال: فذلك قوله تعالى: { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلأَخِرَةِ }" .

أخبرنا الإِمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي، أنبأنا أبو العباس عبدالله بن محمد بن هارون الطيسفوني، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الترابي، أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن سيار القرشي، حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء أبو إسحاق حدثنا هشام ابن يوسف حدثنا عبدالله بن يحيى عن هانىء مولى عثمان قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل" .

وقال عمرو بن العاص في سياق الموت وهو يبكي: فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فسنُّوا علي التراب سناً ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمه حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي.

قوله تعالى: { وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي: لا يهدي الله المشركين إلى الجواب بالصواب في القبر { وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ }، من التوفيق والخذلان والتثبيت وترك التثبيت.