قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنِّى خَـٰلِقٌ بَشَراً }، أي: سأخلق بشراً، { مِن صَلْصَـٰلٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ }.
{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ }، عدَّلْتُ صورته، وأتممت خلقه، { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى }، فصار بشراً حياً، والروح جسم لطيف يحيا به الإِنسان أضاف إلى نفسه تشريفاً، { فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ }، سجود تحية لا سجود عبادة.
{ فَسَجَدَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ }، الذين أمروا بالسجود، { كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ }.
فإن قيل: لِمَ قال { كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } وقد حصل المقصود بقوله فسجد الملائكة؟
قلنا: زعم الخليل وسيبويه أنه ذكر ذلك تأكيداً.
وذكر المبرِّد: أن قوله { فَسَجَدَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } كان من المحتمل أنه سجد بعضهم فذكر "كلهم" ليزول هذا الإِشكال، ثم كان يحتمل أنهم سجدوا في أوقات مختلفة فزال ذلك الإِشكال بقوله: { أَجْمَعُونَ }.
وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه: إن الله عزّ وجلّ قال لجماعة من الملائكة: اسجدوا لآدم فلم يفعلوا فأرسل الله عليهم ناراً فأحرقتهم، ثم قال لجماعة أخرى: اسجدوا لآدم فسجدوا.