خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ
٩٤
إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ
٩٥
-الحجر

معالم التنزيل

قوله تعالى: { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ }، قال ابن عباس: أَظْهِرْه. ويروى عنه: أمضه.

وقال الضحاك: أَعْلِم.

وقال الأخفش: افْرُقْ، أي: افرق بالقرآن بين الحق والباطل.

وقال سيبويه: اقض بما تؤمر، وأصل الصَّدْع: الفصل، والفرق: أمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية بإظهار الدعوة.

وروي عن عبدالله بن عبيدة قال كان مستخفياً حتى نزلت هذه الآية فخرج هو وأصحابه.

{ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ }، نسختها آية القتال.

{ إِنَّا كَفَيْنَـٰكَ ٱلْمُسْتَهْزِءِينَ }، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: فاصدع بأمر الله، ولا تخف أحداً غير الله عزّ وجلّ، فإن الله كافيك من عاداك كما كفاك المستهزئين. وهم خمسة نفر من رؤساء قريش: الوليد بن المغيرة المخزومي - وكان رأسهم - والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبدالمطلب ابن الحارث بن أسد بن عبدالعزى بن زمعة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا عليه فقال: "اللهم أَعْمِ بصره واثْكله بولده"، والأسود بن عبد يغوث بن وهب ابن عبد مناف بن زهرة، والحارث بن قيس بن الطُّلاطلة فأتى جبريل محمداً صلى الله عليه وسلم، والمستهزؤن يطوفون بالبيت، فقام جبريل وقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبه، فمرَّ به الوليد بن المغيرة، فقال جبريل: يامحمد كيف تجد هذا فقال: بئس عَبْدُ الله، فقال: قد كُفِيْتَه، وأومأ إلى ساق الوليد، فمرَّ برجل من خزاعة نبَّالٌ يريش نبلاً له وعليه بُرْديمان، وهو يجرُّ إزاره، فتعلقت شظية من نُبْلِ بإزاره فمنعه الكبر أن "يطأطىء رأسه" فينزعها، وجعلت تضرب ساقه، فخدشته، فمرض منها فمات.

ومرّ به العاص بن وائل فقال جبريل: كيف تجد هذا يا محمد؟ قال: بئس عبدالله، فأشار جبريل إلى أخمص رجليه، وقال: قد كفيته، فخرج على راحلته ومعه ابنان له يتنزه فنزل شعباً من تلك الشعاب فوطىء على شبرقةٍ فدخلت منها شوكة في أخمص رجله، فقال: لدغت لدغت، فطلبوا فلم يجدوا شيئاً، وانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير، فمات مكانه.

ومرّ به الأسود بن المطلب، فقال جبريل: كيف تجد هذا؟ قال عبد سوء، فأشار بيده إلى عينيه، وقال: قد كفيته، فعمي.

وقال ابن عباس رماه جبريل بورقة خضراء فذهب بصره ووجعت عيناه، فجعل يضرب برأسه الجدار حتى هلك.

وفي رواية الكلبي: أتاه جبريل وهو قاعد في أصل شجرة ومعه غلام له فجعل ينطح رأسه بالشجرة ويضرب وجهه بالشوك، فاستغاث بغلامه، فقال غلامه: لا أرى أحداً يصنع بك شيئاً غير نفسك، حتى مات، وهو يقول قتلني رب محمد.

ومرّ به الأسود بن عبد يغوث، فقال جبريل: كيف تجد هذا يامحمد؟ قال: بئس عبدالله على أنه ابن خالي، فقال: قد كفيته، وأشار إلى بطنه فاستسقى بطنه فمات حيناً.

وفي رواية للكلبي أنه خرج من أهله فأصابه السَّمُوم فاسودَّ حتى عاد حبشياً، فأتى أهله فلم يعرفوه، وأغلقوا دونه الباب حتى مات، وهو يقول: قتلني رب محمد.

ومرّ به الحارث بن قيس فقال جبريل: كيف تجد هذا يامحمد؟ فقال: عبد سوء فأومأ إلى رأسه وقال: قد كفيته فامتخط قيحاً فقتله.

وقال ابن عباس: إنه أكل حوتاً مالحاً فأصابه العطش فلم يزل يشرب عليه من الماء حتى أنقد بطنه فمات، فذلك قوله تعالى: { إِنَّا كَفَيْنَـٰكَ ٱلْمُسْتَهْزِءِينَ }، بك وبالقرآن.