خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٧٥
وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٧٦
-النحل

معالم التنزيل

فقال جل ذكره: { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَىْءٍ } هذا مَثَلُ الكافر، رزقه الله مالاً، فلم يقدِّم فيه خيراً، { وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا }، هذا مَثَلُ المؤمن، أعطاه الله مالاً، فعمل فيه بطاعة الله، وأنفقه في رضاء الله، سراً وجهراً، فأثابه الله عليه الجنة. { هَلْ يَسْتَوُونَ }، ولم يقل هل يستويان لمكان "من" وهو اسم يصلح للواحد والاثنين والجمع، وكذلك قوله: "لا يستطيعون" بالجمع لأجل ما.

معناه: هل يستوي هذا الفقير البخيل والغنيُّ السخي؟ كذلك لا يستوي الكافر العاصي والمؤمن المطيع.

وروى ابن جريج عن عطاء في قوله تعالى: { عَبْدًا مَّمْلُوكًا }، أي: أبو جهل بن هشام. { وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً } أبو بكر الصديق رضي الله عنه. ثم قال:

{ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }، يقول ليس الأمر كما تقولون، ما للأوثان عندهم من يد ولا معروف فتحمد عليه، إنما الحمد الكامل لله عزّ وجلّ، لأنه المنعِم والخالق والرازق، ولكن أكثر الكفار لا يعلمون. ثم ضرب مثلاً للأصنام فقال:

{ وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَىْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاَهُ } كَلٌّ ثقل ووبال "على مولاه" ابن عمه، وأهل ولايته، { أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ }، يرسله، { لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ }، لأنه لا يفهم ما يقال له، ولا يفهم عنه، هذا مَثَلُ الأصنام، لا تسمع، ولا تنطق ولا تعقل، { وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ } عابده، يحتاج إلى أن يحمله ويضعه ويخدمه.

{ هَلْ يَسْتَوِى هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ }، يعني: الله فإنه قادر، متكلم، يأمر بالتوحيد، { وَهُوَ عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ }، قال الكلبي: يعني يدلكم على صراط مستقيم.

وقيل: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم.

وقيل: كلا المثلين للمؤمن والكافر، يرويه عطية عن ابن عباس.

وقال عطاء: الأبكم: أُبيّ بن خلف، ومن يأمر بالعدل: حمزة، وعثمان بن عفان، وعثمان بن مظعون.

وقال مقاتل: نزلت في هاشم بن عمرو بن الحارث بن ربيعة القرشي، وكان قليل الخير يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقيل: نزلت في عثمان بن عفان ومولاه، كان عثمان ينفق عليه، وكان مولاه يكره الإِسلام.