خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لأَيٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٧٩
وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ
٨٠
وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ
٨١
-النحل

معالم التنزيل

{ أَلَمْ يَرَوْاْ }، قرأ ابن عامر، وحمزة، ويعقوب: بالتاء، والباقون بالياء لقوله: "ويعبدون". { إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ }، مذللات، { فِى جَوِّ ٱلسَّمَآءِ } وهو الهواء بين السماء والأرض، عن كعب الأحبار أن الطير ترتفع اثنى عشر ميلاً، ولا ترتفع فوق هذا، وفوق الجو السكاك، وفوق السكاك السماء { مَا يُمْسِكُهُنَّ } في الهواء { إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لآيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }.

{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ } التي هي من الحجر والمدر { سَكَنًا } أي: مسكناً تسكنونه، { وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَـٰمِ بُيُوتًا }، يعني الخيام، والقباب، والأخبية، والفساطيط من الأنطاع والأدم، { تَسْتَخِفُّونَهَا } أي: يخف عليكم حملها، { يَوْمَ ظَعْنِكُمْ }، رحلتكم في سفركم، قرأ ابن عامر، وأهل الكوفة، ساكنة العين، والآخرون بفتحها، وهو أجزل اللغتين، { وَيَوْمَ إِقَـامَتِكُمْ }، في بلدكم لا تثقل عليكم في الحالين.

{ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ }، يعني أصواف الضأن، وأوبار الإِبل، وأشعار المعز، والكنايات راجعة إلى الأنعام، { أَثَـٰثاً }، قال ابن عباس: مالاً. قال مجاهد: متاعاً.

قال القتيبي: "الأثاث": المال أجمع، من الإِبل والغنم والعبيد والمتاع.

وقال غيره: هو متاع البيت من الفرش والأكسية.

{ وَمَتَـٰعاً }، بلاغاً ينتفعون بها، { إِلَىٰ حِينٍ } يعني الموت. وقيل: إلى حين تبلى.

{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَـٰلاً } تستظلُّون بها من شدة الحرّ، وهي ظلال الأبنية والأشجار، { وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَـٰناً }، يعني: الأسراب، والغيران، واحدها كَنٌّ { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ } قمصاً من الكتان والقَزّ، والقطن، والصوف، { تَقِيكُمُ }، تمنعكم، { ٱلْحَرَّ }، قال أهل المعاني: أراد الحرَّ والبَرْدَ فاكتفى بذكر أحدهما لدلالة الكلام عليه. { وَسَرَٰبِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ }، يعني: الدروع، والبأس: الحرب، يعني: تقيكم في بأسكم السلاح أن يصيبكم.

{ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ }، تخلصون له الطاعة.

قال عطاء الخراساني: إنما أنزل القرآن على قدر معرفتهم، فقال: وجعل لكم من الجبال أكناناً، وما جعل لهم من السهول أكثر وأعظم، ولكنهم كانوا أصحاب جبال كما قال: "ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها" لأنهم كانوا أصحاب وَبَرٍ وشَعْر، وكما قال: { { وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ } [النور: 43] وما أنزل من الثلج أكثر، ولكنهم كانوا لا يعرفون الثلج. وقال: "تقيكم الحرّ" وما تقي من البرد أكثر، ولكنهم كانوا أصحاب حرٍّ.