قوله: {إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً}، أي حافظاً مَنْ يوكل الأمر إليه.
قوله عزّ وجلّ: {رَّبُّكُمُ ٱلَّذِى يُزْجِى لَكُمُ ٱلْفُلْكَ} أي: يسوق ويُجري لكم الفُلْك، {فِى ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ}، لتطلبوا من رزقه، {إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.
{وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ}، الشدة وخوف الغرق، {فِى ٱلْبَحْرِ ضَلَّ}، أي: بطل وسقط، {مَن تَدْعُونَ}، من الآلهة، {إِلاَّ إِيَّـٰهُ}، إلا الله فلم تجدوا مغيثاً غيره وسواه، {فَلَمَّا نَجَّـٰكُمْ}، أجاب دعاءكم وأنجاكم من هول البحر وأخرجكم، {إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ}، عن الإِيمان والإِخلاص والطاعة، كفراً منكم لنِعَمِه، {وَكَانَ ٱلإِنسَـٰنُ كَفُورًا}.
{أَفَأَمِنتُمْ}، بعد ذلك، {أَن يَخْسِفَ بِكُمْ}، يغور بكم، {جَانِبَ ٱلْبَرِّ}، ناحية البر وهي الأرض، {أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا}، أي: يمطر عليكم حجارةً من السماء كما أمطر على قوم لوط. وقال أبو عبيدة والقتيبي: الحاصب الريح التي ترمي بالحصباء، وهي الحصا الصغار، {ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً}، قال قتادة: مانعاً.
{أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ}، يعني في البحر، {تَارَةً} مرة، {أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ ٱلرِّيحِ}، قال ابن عباس: أي: عاصفاً وهي الريح الشديدة.
وقال أبو عبيدة: هي الريح التي تقصف كل شيء، أي تدقه وتحطمه.
وقال القتيبي: هي التي تقصف الشجر، أي تكسره.
{فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا}، ناصراً ولا ثائراً، و"تَبِيْعٌ" بمعنى تابع، أي تابعاً مطالباً بالثأر. وقيل: من يتبعنا بالإِنكار.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو "أن نخسف، ونرسل، ونعيدكم، فنرسل، فنغرقكم"، بالنون فيهن، لقوله "علينا". وقرأ الآخرون بالياء لقوله: "إلا إيّاه"، وقرأ أبو جعفر ويعقوب: {فتغرقكم} بالتاء يعني الريح.