{ تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا } أي: نعطي وننزل. وقيل: يورث عباده المؤمنين المساكن التي كانت لأهل النار لو آمنوا، { مَن كَانَ تَقِيّاً }، أي: المتقين من عباده.
قوله عزّ وجلّ: { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ }، أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا خلاد بن يحيـى، أخبرنا عمر بن ذر قال: سمعت أبي يحدِّث عن سعيد بن جبير،
"عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا فنزلت: { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا }" الآية: قال: كان هذا الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقال عكرمة، والضحاك، وقتادة، ومقاتل، والكلبي:
"احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله قومه عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح، فقال أخبركم غداً، ولم يقل: إن شاء الله، حتى شقَّ ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نزل بعد أيام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:أبطأت علي حتى ساء ظني واشتقت إليك، فقال له جبريل: إني كنت أَشْوَق، ولكني عبد مأمور، إذا بُعثت نزلت، وإذا حُبست احتبست، فأنزل الله { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ }" وأنزل: "والضحى والليل إذا سجى ما ودّعك ربّك وما قلى".
{ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }، أي: له علم ما بين أيدينا. واختلفوا فيه: فقال سعيد بن جبير، وقتادة، ومقاتل: { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا }: من أمر الآخرة والثواب والعقاب، { وَمَا خَلْفَنَا }: ما مضى من الدنيا { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: ما يكون من هذا الوقت إلى قيام الساعة.
وقيل: { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا }: ما بقي من الدنيا، { وَمَا خَلْفَنَا }: ما مضى منها، { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: أي: ما بين النفختين، وبينهما أربعون سنة.
وقيل: { ما بين أيدينا } ما بقي من الدنيا، { وَمَا خَلْفَنَا }: ما مضى منها، { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: مدة الحياة.
وقيل: { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا }: بعد أن نموت، { وَمَا خَلْفَنَا }: قبل أن نخلق، { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: مدة الحياة.
وقيل: { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا }: الأرض إذا أردنا النزول إليها، { وَمَا خَلْفَنَا }: السماء إذا نزلنا منها، { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: الهواء يريد: أن ذلك كله لله عزّ وجلّ، فلا نقدر على شيء إلاّ بأمره.
{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً }، أي: ناسياً، يقول: ما نسيك ربك، أي: ما تركك، والناسي التارك.
{ رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ }، أي: اصبر على أمره ونهيه، { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }، قال ابن عباس رضي الله عنهما: مِثْلاً.
وقال الكلبي: هل تعلم أحداً يُسمىٰ "اللهُ" غيره؟