خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
٧٥
وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوۤاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٧٦
-البقرة

معالم التنزيل

قوله تعالى: { أَفَتَطْمَعُونَ } أفترجون؟ يُريد محمداً وأصحابه { أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ } تصدقكم اليهود بما تخبرونهم به { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ } يعني التوراة { ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ } يغيرون ما فيها من الأحكام { مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ } علموه كما غيروا صفة محمد صلى الله عليه وسلم، وآية الرجم { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنهم كاذبون، هذا قول مجاهد وقتادة وعكرمة والسدي وجماعة، وقال ابن عباس ومقاتل: نزلت في السبعين الذين اختارهم موسى لميقات ربه، وذلك أنهم لما رجعوا - بعد ما سمعوا كلام الله - إلى قومهم رجع الناس إلى قولهم، وأما الصادقون منهم فأدوا كما سمعوا، وقالت طائفة منهم: سمعنا الله يقول في آخر كلامه إن استطعتم أن تفعلوا فافعلوا، وإن شئتم فلا تفعلوا، فهذا تحريفهم وهم يعلمون أنه الحق.

{ وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } قال ابن عباس والحسن وقتادة: يعني منافقي اليهود الذين آمنوا بألسنتهم إذا لقوا المؤمنين المخلصين { قَالُوۤاْ ءَامَنَّا } كإيمانكم { وَإِذَا خَلاَ } رجع { بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } - كعب بن الأشرف وكعب بن أسد ووهب بن يهودا وغيرهم من رؤساء اليهود - لأمرهم على ذلك { قَالُوۤاْ: أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } بما قص الله عليكم في كتابكم: أن محمداً حق وقوله صدق. والفتاح القاضي.

وقال الكسائي: بما بيَّنه لكم من العلم بصفة النبي صلى الله عليه السلام ونعته، وقال: الواقدي: بما أنزل الله عليكم، ونظيره: { لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [الأعراف: 96] أي أنزلنا، وقال أبو عبيدة: بما منَّ الله عليكم وأعطاكم { لِيُحَآجُّوكُم بِهِ } ليخاصموكم، يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويحتجوا بقولكم عليكم فيقولوا: قد أقررتم أنه نبي حق في كتابكم ثم لا تتبعونه؟ وذلك أنهم قالوا لأهل المدينة حين شاوروهم في اتباع محمد صلى الله عليه وسلم: آمنوا به فإنه حق ثم قال بعضهم لبعض: أتحدثونهم بما أنزل الله عليكم لتكون لهم الحجة عليكم { عِندَ رَبِّكُمْ } في الدنيا والآخرة، وقيل: إنهم أخبروا المؤمنين بما عذبهم الله به على الجنايات فقال بعضهم لبعض: أتحدثونهم بما أنزل الله عليكم من العذاب ليحاجوكم به عند ربكم، ليروا الكرامة لأنفسهم عليكم عند الله وقال مجاهد: هو قول يهود قريظة قال بعضهم لبعض حين قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "يا إخوان القردة والخنازير" فقالوا: من أخبر محمداً بهذا؟ ما خرج هذا إلا منكم { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }.