{ فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ }، قرأ أبو عمرو: { فٱجْمَعُوا } بوصل الألف وفتح الميم، من الجمع، أي لا تَدَعوا شيئاً من كيدكم إلا جئتم به، بدليل قوله: "فجمع كيده"، وقرأ الآخرون بقطع الألف وكسر الميم فقد قيل: معناه الجمع أيضاً، تقول العرب: أجمعتُ الشيء وجمعتُه بمعنىً واحد.
والصحيح أن معناه العزم والإِحكام، أي: اعزموا كلكم على كيده مجتمعين له، ولا تختلفوا فيختل أمركم.
{ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً } أي جميعاً، قاله مقاتل والكلبي، وقال قوم: أي مصطفين مجتمعين ليكون أشدَّ لهيبتكم، وقال أبو عبيدة: الصف المجمع، ويسمى المصلّى صفاً. معناه: ثم ائتوا المكان الموعود.
{ وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ }، أي: فاز مَنْ غلب.
{ قَالُواْ }، يعني السحرة، { يَا مُوسَىٰ إِمّا أَن تُلْقِيَ }، عصاك، { وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ } عصاه.
{ قَالَ }، موسى: { بَلْ أَلْقُواْ }، أنتم أولاً، { فَإِذَا حِبَالُهُمْ }، وفيه إضمار، أي فألقَوا فإذا حبالهم، { وَعِصِيُّهُمْ }، جمع العصا، { يُخَيَّلُ إِلَيْهِ }، قرأ ابن عامر ويعقوب "تخيل" بالتاء رداً إلى الحبال والعصي، وقرأ الآخرون بالياء ردوه إلى الكيد والسحر، { مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ }.
وفي القصة أنهم لما ألقوا الحبال والعصيَّ أخذوا أعين الناس، فرأى موسى والقوم كأنَّ الأرض امتلأت حيَّات، وكانت قد أخذت ميلاً من كل جانب ورأوا أنها تسعى.
{ فَأَوْجَسَ فِى نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ }، أي وجد، وقيل: أضمر في نفسه خوفاً، واختلفوا في خوفه: طبع البشرية، وذلك أنه ظن أنها تقصده.
وقال مقاتل: خاف على القوم أن يلتبس عليهم الأمر فيشكُّوا في أمره فلا يتبعوه.