{ قُلْنَا }، لموسى: { لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ }، أي الغالب، يعني: لك الغلبة والظفر.
{ وَأَلْقِ مَا فِى يَمِينِكَ }، يعني العصا، { تَلْقَفْ }، تلتقم، وتبتلع، { مَا صَنَعُوۤاْ }، قرأ ابن عامر "تلقفُ" برفع الفاء هاهنا، وقرأ الآخرون بالجزم على جواب الأمر، { إِنَّمَا صَنَعُواْ }، إن الذي صنعوا، { كَيْدُ سَاحِرٍ }، أي حيلة سحر، هكذا قرأ حمزة والكسائي: بكسر السين بلا ألف، وقرأ الآخرون "ساحر" لأن إضافة الكيد إلى الفاعل أولى من إضافته إلى الفعل، وإن كان ذلك لا يمتنع في العربية، { وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّـٰحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ }، من الأرض، قال ابن عباس: لا يسعد حيث كان. وقيل: معناه حيث احتال.
{ فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ }، لرئيسكم ومعلِّمكم، { ٱلَّذِى عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِى جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ }، أي: على جذوع النخل، { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً }؛ أنا على إيمانكم به، أو رَبُّ موسى على ترك الإِيمان به؟ { وَأَبْقَىٰ }، أي: أدوم.
{ قَالُواْ }، يعني السحرة: { لَن نُّؤْثِرَكَ }، لن نختارك، { عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَـٰتِ }، يعني الدلالات، قال مقاتل: يعني اليد البيضاء، والعصا.
وقيل: كان استدلالهم أنهم قالوا لو كان هذا سحراً فأين حبالنا وعصينا.
وقيل: { مِنَ ٱلْبَيِّنَـٰتِ } يعني من التبيين والعلم.
حكي عن القاسم بن أبي بَزَّة أنه قال: إنهم لما أُلْقُوا سُجَّداً ما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة والنار، ورأوا ثواب أهلها، ورأوا منازلهم في الجنة، فعند ذلك قالوا: لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات، { وَٱلَّذِى فَطَرَنَا }، أي: لن نؤثرك على الله الذي فطرنا، وقيل: هو قسم، { فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ }، أي: فاصنع ما أنت صانع، { إِنَّمَا تَقْضِى هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَآ }، أي: أمرك وسلطانك في الدنيا وسيزول عن قريب.