{ قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِى ٱلْحَيَوٰةِ }، أي: ما دمت حياً، { أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ }، أي: لا تخالط أحداً، ولا يخالطك أحد، وأمر موسى بني إسرائيل أن لا يخالطوه، ولا يقربوه.
قال ابن عباس: لا مساس لك ولولدك، و"المساس" من المماسة، معناه: لا يمس بعضنا بعضاً، فصار السامري يهيم في البرية مع الوحوش والسباع، لا يمس أحداً ولا يمسه أحد، عاقبه الله بذلك، وكان إذا لقي أحداً يقول "لا مساس"، أي: لا تقربني ولا تمسني.
وقيل: كان إذا مس أحداً أو مسه أحد حُمَّا جميعاً حتى أن بقاياهم اليوم يقولون ذلك، وإذا مسّ أحد من غيرهم أحداً منهم حُمَّا جميعاً في الوقت.
{ وَإِنَّ لَكَ }، يا سامري، { مَوْعِداً }، لعذابك، { لَّن تُخْلَفَهُ }، قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: { لن تخلِفه } بكسر اللام. أي لن تغيب عنه، ولا مذهب لك عنه، بل توافيه يوم القيامة، وقرأ الآخرون بفتح اللام أي لن تكذبه ولن يخلفك الله، ومعناه: أن الله تعالى يكافئك على فعلك ولا تفوته.
{ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ }، بزعمك، { ٱلَّذِى ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً }، أي ظلت ودمت عليه مقيماً تعبده، والعرب تقول: ظلت أفعل كذا بمعنى ظللت، ومستُ بمعنى مسستُ.
{ لَنُحَرِّقَنَّهُ }، بالنار، قرأ أبو جعفر بالتخفيف من الإِحراق، { ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ }، لنذرينه، { فِى ٱلْيَمِّ }، في البحر، { نَسْفاً }، روي أن موسى أخذ العجل فذبحه فسال منه دم، لأنه كان قد صار لحماً ودماً، ثم حرقه بالنار، ثم ذراه في اليم، قرأ ابن محيصن: "لنحرقنّه" بفتح النون وضم الراء لنبردنه بالمبرد، ومنه قيل للمبرد المحرق. وقال السدي: أخذ موسى العجل فذبحه ثم حرقه بالمبرد، ثم ذراه في اليم.