خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٦٤
ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ
٦٥
قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ
٦٦
أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٦٧
قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ
٦٨
-الأنبياء

معالم التنزيل

{ فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ }، أي فتفكروا بقلوبهم، ورجعوا إلى عقولهم، { فَقَالُوۤاْ }، ما نراه إلا كما قال، { إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ }، يعني بعبادتكم مَنْ لا يتكلم. وقيل: أنتم الظالمون لهذا الرجل في سؤالكم إيّاه وهذه آلهتكم حاضرة فاسئلوها.

{ ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ }، قال أهل التفسير: أجرى الله الحق على لسانهم في القول الأول، ثم أدركتهم الشقاوة، فهو معنى قوله: { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ } أي ردوا إلى الكفر بعد أن أقروا على أنفسهم بالظلم، يقال نكس المريض إذا رجع إلى حاله الأول، وقالوا: { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ }، فكيف نسألهم؟ فلما اتجهت الحجة لإِبراهيم عليه السلام، { قَالَ }، لهم، { أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً }، إن عبدتموه، { وَلاَ يَضُرُّكُمْ }، إن تركتم عبادته.

{ أُفٍّ لَّكُمْ } يعني تباً وقذراً لكم، { وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }، أي أليس لكم عقل تعرفون هذا، فلما لزمتهم الحجة وعجزوا عن الجواب.

{ قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ ءَالِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ }، أي: إن كنتم ناصرين لها.

قال ابن عمر رضي الله عنهما: إن الذي قال هذا رجل من الأكراد. وقيل: إن اسمه "هيزن" فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.

وقيل: قاله نمرود، فلما أجمع نمرود وقومه على إحراق إبراهيم عليه السلام، حبسوه في بيت، وبنوا له بنياناً كالحظيرة.

وقيل: بنوا أتوناً بقرية يقال لها "كُوثَى" ثم جمعوا له صلاب الحطب من أصناف الخشب مدة حتى كان الرجل يمرض فيقول لئن عافاني الله لأجمعنّ حطباً لإِبراهيم، وكانت المرأة تنذر في بعض ما تطلب لئن أصابته لَتحطِبَنَّ في نار إبراهيم، وكان الرجل يُوصي بشراء الحطب وإلقائه فيه، وكانت المرأة تغزل وتشتري الحطب بغزلها، فتلقيه فيه احتساباً في دينها.

قال ابن إسحاق كانوا يجمعون الحطب شهراً فلما جمعوا ما أرادوا أشعلوا في كل ناحية من الحطب فاشتعلت النار واشتدت حتى إن كان الطير ليمرّ بها فيحترق من شدة وهجها، فأوقدوا عليها سبعة أيام.

روي أنهم لم يعلموا كيف يلقونه فيها فجاء إبليس فعلمهم عمل المنجنيق فعملوا ثم عمدوا إلى إبراهيم فرفعوه على رأس البنيان وقيّدوه ثم وضعوه في المنجنيق مقيداً مغلولاً، فصاحت السماء والأرض ومن فيها من الملائكة وجميع الخلق إلا الثقلين صيحة واحدة، أيْ ربنا إبراهيم خليلك يُلقَى في النار وليس في أرضك أحد يعبدك غيره فٱذنْ لنا في نصرته، فقال الله عزّ وجلّ: إنه خليلي ليس لي غيره خليل، وإنا إلهه وليس له إله غيري، فإن استغاث بشيء منكم أو دعاه فلْينصرْه فقد أذِنتْ له في ذلك، وإن لم يدعُ غيري فأنا أعلم به وأنا وليه فخلوا بيني وبينه، فلما أرادوا إلقاءه في النار أتاه خازن المياه فقال: إن أردتَ أخمدتُ النار، وأتاه خازن الرياح فقال: إنْ شئتَ طيَّرتُ النار في الهواء، فقال إبراهيم: لا حاجة لي إليكم حسبي الله ونعم الوكيل.

وروي عن أُبيّ بن كعب أن إبراهيم قال حين أوثقوه ليلقوه في النار لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك لا شريك لك، ثم رموا به في المنجنيق إلى النار، واستقبله جبريل فقال: يا إبراهيم لك حاجة؟ فقال أمّا إليك فلا، فقال جبريل: فاسأل ربك، فقال إبراهيم حسبي من سؤالي علمه بحالي.

قال كعب الأحبار: جعل كل شيء يطفىء عنه النار إلا الوزغ فإنه كان ينفخ في النار.

أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا عبيد الله بن موسى وابن سلام عنه أخبرنا ابن جريج عن عبد الحميد بن جبير عن سعيد بن المسيب عن أم شريك " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ، وقال: كان ينفخ النار على إبراهيم"

.